Featured Video

الجمعة، 14 مارس 2014

مخاوف الأطفال وكيفية تطورها

مخاوف الأطفال وكيفية تطورها



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد-صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه أجمعين،
 وبعد:
استكمالاً لمسيرة مناقشة تربية الطفل والأمور المتعلقة بها، نعرض عدة بحوث لأساتذة في علم النفس والتربية، في مختلف المجالات التي تخص تربية الطفل، وما تعلق بها من موضوعات مهمة، ومن أهم تلك الموضوعات، موضوع الخوف عند الأطفال، وقد سبق التعرض لتعريف الخوف، وبعض صوره، ونعرض هنا بحث آخر يتعرض لمخاوف الأطفال وكيفية تطورها، داعين المولى سبحانه وتعالى ان يجعل فيه النفع وعظيم الفائدة.
مخاوف الأطفال وكيفية تطورها[1]
لقد كان هناك شبه إجماع بين العلماء على أن من أهم المثيرات الأولى للخوف في الطفولة المبكرة هي الأصوات العالية الفجائية في السنة الأولى من عمر الطفل، خصوصاً عندما تكون الأم بعيدة عنه. وبتقدّم نمو الطفل تزداد مثيرات الخوف وتتنوع، ففي السنة الثانية وحتى الخامسة قد يفزع الطفل من الغرباء ومن الوقع من مكان مرتفع ومن الحيوانات والطيور التي لم يألفها، ويخاف من تكرار الخبرات المؤلمة التي مر بها - كالعلاج الطبي أو عملية جراحية - كما أنه يخاف مما يخاف منه من حوله من الكبار في البيئة التي يعيش فيها لأنه يقلدهم، فهو يتأثر بمخاوف الغير حتى لو لم تكن واقعية، وكانت وهمية أو خرافية.
ويظهر انفعال الخوف عند الطفل على أسارير وجهه في صورة فزع وقد يكون مصحوباً بالصراخ، ثم يتطور بعد السنة الثانية إلى الصياح والهرب المصحوب بتغيرات في خلجات الوجه أو الكلام المتقطع أو قد يكون مصحوباً بالعرق أو التبول اللاإرادي أحياناً، وتنتشر عدوى الخوف بين الأطفال كالنار في الهشيم.
ويمكن معرفة مدى خوف الطفل بمقارنة مخاوفه بمخاوف أغلب الأطفال الذين هم في مثل سنّه، وبمقارنة درجة هذه المخاوف بدرجة مخاوف أقرانه. فالطفل مثلاً في الثالثة من عمره يمكن أن يخاف من الظلام ويطلب إضاءة المكان، وربما كان خوفه هذا في حدود المعقول، أما إذا فقد الطفل اتزانه وأبدى فزعاً شديداً من الظلام فلا شك أنه خوف شاذ، وهذا النوع من الخوف مبالغ فيه، وهو ضار لشخصية الطفل وسلوكه، أما الخوف الطبيعي المعقول فهو مفيد لسلامة الطفل[2].
ويبدو بعض الأطفال خوافين بشكل عام، وبعضهم الآخر يخاف خوفاً محدداً من شيء أو شيئين، ولا تُظهِر معظم الدراسات وجود فروق في الخوف بين الأولاد والبنات.
إن حوالي نصف الأطفال على الأقل تظهر لديهم مخاوف مشتركة من الكلاب والظلام والرعب والأشباح وحوالي /10%/ من هؤلاء يعانون خوفاً شديداً من شيئين أو أكثر، والمخاوف الأكثر شيوعاً بين سنتين وست سنوات فيما بين سن السنتين والأربع سنوات تغلب المخاوف من الحيوانات والظلام والحيوانات والغرباء، وتقلّ هذه المخاوف عمر خمس سنوات ثم تختفي فيما بعد، وفي عمر /4/ إلى /6/ سنوات تسيطر المخاوف المتخيلة مثل الأشباح والوحوش، وتبلغ ذروتها في عمر /6/ سنوات ثم تختفي فيما بعد.
إن /90%/ من الأطفال تحت السادسة من العمر يظهر لديهم خوف محدد يزول بشكل طبيعي[3].
وبالرغم من أن طبيعة مخاوف الأطفال قد يعتريها التغير مع مرور الزمن، إلا أنه في جميع الحالات تعتبر المخاوف أساساً توقعاً لخطر أو لحدث غير سار، إلا أنها تتميز الواحدة منها عن الأخرى في بعض النواحي، فالخوف الواقعي بصورة عامة يعتبر أكثر تحديداً، فهو عبارة عن استجابة لخطر حقيقي، والجدير بالذكر أنه لا يوجد مثير واحد يُحدث الخوف في مرحلة الطفولة، بل هناك مجموعة من العوامل، ويتعلم الطفل من خلال نموه التمييز بين ما هو مألوف (لذلك فهو في أمان) وما هو غير مألوف (يعتبره خطراً عليه) وقد قام جيرسلو وهولمر (1935) بدراسة واسعة لمخاوف الأطفال في فترة ما قبل المدرسة، حيث سُجّلت مخاوف الأطفال والظروف المتصلة بها لمدة /21/ يوماً، وقد كانت نتيجة الدراسة أن المخاوف من الأشياء الحقيقية (الضوضاء أو الأشياء أو الأشخاص أو الحركات المفاجئة غير الموقعة والغريب من الأشياء والمواقف والأشخاص) كانت تتناقص بتقدّم العمر،
 على حين أن المخاوف من أخطار متوهمة أو خارقة للطبيعة (كالوقائع المرتبطة بالظلام والأحلام واللصوص والمخلوقات الخرافية وأماكن وقوع الحوادث) فكانت تزاد بتقدم العمر، كما لوحظ أن العلامات المرتبطة بالخوف (مثل البكاء - الهلع - الانسحاب) كانت تتناقص من حيث التكرار أو الشدة كلما تقدّم الطفل بالعمر.

ويصعب التنبؤ بمخاوف الأطفال إلى حدّ كبير بسبب الفروق الفردية الكبيرة من حيث القابلية للخوف ومن حيث مبلغ تعرضهم للخوف، فالمثير الواحد قد يكون مخيفاً إلى حدٍّ كبير بالنسبة لطفل ما، بينما لا يُحدث شيئاً من الاضطراب لطفل آخر، كما أن الطفل نفسه يمكن أن يضطرب كثيراً بمنبه خاص في موقف معين، ثم لا يعيره انتباهاً في موقفٍ آخر[4].

فمثلاً، الطفل الذي يعيش في الريف لا يخشى الحيوانات الأليفة كالكلب أو البقرة أو النعجة، لكن الطفل الذي يتربى في المدن يخافها، وهذه إشارة إلى تأثير البيئة ومخاوف الأطفال تتكون أثناء الطفولة الباكرة ونتيجة لتعاملهم مع البيئة وتأثرهم بالنمط بالحضاري لهذه البيئة وما فيها من مفاهيم وعادات وأساطير ومواقف[5].




[1] ) أ.د محمد خير أحمد الفوال-بحث مقدم لمؤتمر فيلادليفيا الدولي الحادي والعشرين بعنوان(مقاومة الخوف والسلوك الفردي عند الأطفال)
[2] ) مخاوف الطفل وعدم ثقته بنفسه، ملاك جرجس، 1993، ص 9.
[3] مشكلات الأطفال والمراهقين، شارلز شفير، هوارد ميلمان ؛ ت: نسيمة داود، نزيه حمدي، 1989، ص 128.
[4] علم النفس التكويني، صباح حنا هرمز، يوسف حنا إبراهيم، 1988، ص 357 - 358 - 359.
[5] مشاكل الأطفال كيف نفهمها، محمد أيوب الشحيمي، 1994، ص 98 - 99.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More