من أسس السعادة الزوجية[1]
تخلص من عقدة
النقص:
الزواج شراكة، وأخذ وعطاء، وحقوق وواجبات، ومن يتزوج حتى
يعوض نقصًا معينًا يشعر به، فإنه لا يستطيع ذلك، وقد يتعب في حياته الزوجية ويشعر
بالملل، مثل الذي يريد أن يتزوج حتى يأمر وينهى في بيته ويكون هو الرجل سيد البيت
الذى لا يحدث شيء إلا بإذنه؛ وذلك لأنه كان يفتقد قوة الشخصية قبل الزواج، فيريد
أن يعوض هذا الأمر مع زوجته المسكينة الطيبة، فتراه يثور لأتفه الأسباب، ويريد أن
يتحكم في كل شيء حتى وإن كان تافهًا. الزواج يحتاج لزوجين سويين، ناضجين، ليسوا
كالأطفال لأنه تكوين أسرة ومسئولية ليست بالهينة.
وكثيرة تلك الزيجات التى تفشل لأن الزوجين ليسا على
مستوى المسئولية، كل منهما يريد أن يعوِّض نقصًا ما فى شخصيته، أحلامهما طفولية
بدرجة كبيرة، لا يُقدِّران ثقل المسئولية الملقاة على عاتق كل منهما، وفى الحديث
الشريف: "ألا كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته .. الرجل
راعٍ على أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهى مسئولة
عنهم" (رواه البخاري ومسلم).
الحب وحـده لا يكفي
لاشك أن الحب عامل مهم في الحياة الزوجية وسعادتها ودفع
الملل عنها، بل ربما هو العامل الأهم، قال الله تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ
خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ
بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ } (الروم: 21).
ولكن هل الحب وحده كافٍ للشعور بالسعادة الزوجية، ودفع
الملل عن الحياة الزوجية؟!
يرى علماء النفس والباحثون أن "العامل المهم في
إيجاد الوئام والانسجام بين الأزواج هو المعايشة ومن ثم فمن العسير على اثنين لم
يعيشا معًا فعلاً أن يحب أحدهما الآخر حبًا حقيقيًا"([2]).
و "المعايشة" هذه هى "العِشْرة
الطيبة" وحسن التعامل بين الأزواج كما أوصى بذلك ديننا الحنيف، نوصى الرجال
بالنساء، فقال رسول الله "e":
"" (رواه البخاري).
وأوصى النساء كذلك بحسن المعاملة
لأزواجهن، والسنة الشريفة تذكر عشرات الأحاديث في هذا المجال، منها قول رسول الله "e" للمرأة التى جاءت إليه تقول: يا رسول الله أنا وافدة النساء
إليك: هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فإن أصيبوا أثيبوا – أى نالوا الثواب
والأجر – وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون ونحن معشر النساء نقول عليهم فما
لنا من ذلك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "أبلغى من
لقيتى من النساء أن طاعة الزوج واعترافًا بحقه يعدل ذلك، وقليل منكم يفعله"
(رواه البزار والطبرانى بمثله.
لا تجعل التوافه تفسد زواجك
"إن الصغائر في الحياة الزوجية يسعها أن تسلب عقول
الأزواج والزوجات، وتسبب نصف أوجاع القلب التى يعانيها العالم"([3]).
نعم إنك لترى معظم المشاكل التى تنغص الحياة الزوجية
وتجعلها مملة إنما هى م الصغائر، والتى يولى لها الزوجات أكبر الاهتمام، وينفث
الشيطان فيها فكأنها أمورًا عظيمة، ثم تتراكم الصغائر بعضها فوق بعض حتى تصبح
كالجبل فتفسد الحياة الزوجية وربما أدت إلى إنهائها.
مثلها في ذلك مثل الذنوب الصغيرة التى تتجمع على العبد
فيستهين بها ومع الوقت تورده المهالك، وفي الحديث: "إياكم ومحقرات الذنوب – صغائر الذنوب – فإنهن يجتمعن على العبد حتى يهلكنه" (رواه أحمد).
فهناك أشياء تحدث من الزوج أو الزوجة هى في نظره أو
نظرها أشياء تافهة أو بسيطة ولكن هل هى كذلك من وجهة نظر صاحبه؟!
فليفكر الزوج قبل أن يقدم على مثل هذه الأفعال، ولتفكر
الزوجة أيضًا فيما تظنه من التوافه لكنه عند زوجها شيئًا عظيمًا فلا تقترفه، حتى
لا يستنتج الزوج من فعلها استنتاجات خاطئة أو يفترض فيها سوء النية، هذا جانب،
وجانب آخر هو أننا في حياتنا الزوجية يجب أن نضع الأمور في نصابها، فلا نُعظِّم
الصغير ولا نُحقِّر الكبير، ولنتذكر قول الله تعالى: { قَدْ جَعَلَ اللَّهُ
لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } (الطلاق: 3).
وعندئذ لن نشعر بالملل وسنشعر بالسعادة إن شاء الله
تعالى.
تقبل شريكك في الحياة على علاَّته
هناك من الصفات التى تجدها في شريك حياتك ولا تعجبك ما
هو ليس سهل التغيير، بل وربما هناك ما لا يمكن أن يتغير، فماذا تفعل؟!
إن عليك أن تقبل شريك حياتك الذى اخترته طالما أن حسناته
تغلب سيئاته ولتصبر على ما لا يستطيع التغلب عليه من عاداته التى لا تعجبك، وحاول
أن تتعامل معه على ما به من أشياء لا تروق لك، فإنك لن تجد ما يتفق مع ما تحب
تمامًا مهما بحثت في الحياة عن آخرين.
[ وأفضل ما يشبه به الزواج هو "محل البقالة" الذى
تجد به أصنافًا من الأغذية "جاهزة" ولا تجد فيه أصنافًا تُعَد لك
"حسب الطلب" فالمجال حينئذ أمامك هو اختيار أنسب الأصناف وأقربها إلى
طلبك، ولو أنك أخذت الزواج هذا المأخذ لوجدته أبهج وأمتع .. ]([4]).
نعم قد يكون في البداية نوع من الصعوبة في التعامل
والتعود على هذه الصفات، ولكن ومع مرور الوقت سوف يحدث هذا التعود، بل إن هناك من
الصفات العامل الوحيد في تغييرها هو الزمن، فلتعتبر الزمن جزءًا من العلاج، بل
اعتبره هو العلاج الوحيد في بعض الحالات.
وإلى مثل هذا يشير الحديث الشريف: " استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما فى الضلع
أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء"
[رواه البخاري ومسلم].
كذلك الأمر بالنسبة للزوجة فإن رأت من زوجها ما لا
يعجبها فلتصبر عليه فإن لها بذلك عظيم الأجر والثواب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق