Featured Video

الاثنين، 24 مارس 2014

من أنواع التماسك النصي

من أنواع التماسك النصي
(التكرار , الضمير , العطف )

أ. م مراد حميد عبد الله
جامعة البصرة – كلية الآداب – قسم اللغه العربية
من أنــــــواع التماســــــك النــــــــصي (التكرار , الضمير , العطف ) :
مدخل:
لعل من أبرز ما يميز النص بشكل عام هو تناسق بنيته الشكلية(Formal structure)، فالنص اللغوي كما هو معروف مركب من عدة كلمات متراصة في فقرات لتجعل من النص وحدة واحدة محكومة بقوانين بناء تماسكية ، فحين نلاحظ غياب أحد هذه القوانين أو الخصائص المميزة – وهو ما يمكن أن نسميها بوسائل التناسق (Cohesive ties) – فأننا نجد النص  المقروء أو المسموع مجرد كلمات مصفوفة بعضها إلى جنب بعض من دون أن تنتج دلالة ، لذا فقد توجه الباحثان إلى الوقوف على أنواع تم تحديدها من هذه الوسائل التماسكية أو الربطية طبقا للتتبع الخطي داخل النص ولتكون  مدار البحث والتمحيص ، فما كان اختيارنا إلا ان وقع على ثلاث من هذه الوسائل وهي ( التكرار – الضمير – العطف ) لما تشكله هذه الأنواع من أهمية كبرى في تناسق الترابط البنائي ( (Structural Correlationبين الكلمات ، والبناء الترابطي هو علاقات سياقية تربط بين عناصر سابقة ولاحقة وهذا ما أسميناه بالتناسق الفني .
لقد اتجه الباحثان في دراستهما هذه إلى الوقوف عند كل نوع من هذه الأنواع التي تم تحديدها ودراستها ،ومن ثمَّ تم تطبيقها على نصوص مختارة من النص السماوي (القرآن الكريم) لتكون بذلك – الدراسة - جامعة بين الجانب النظري والجانب التطبيقي ، فالقران تحكمه روابط كثيرة وبه من الإعجاز البياني الشيء الكثير ، فكان مجالا خصبا لتطبيق الأنواع التي اخترناها في هذه الدراسة ( التكرار – الضمير – العطف )


-          التماسك النصي( المفهوم ، الأهمية ، والأنواع)
-          مفهوم التماسك :


       تُكوَّن بنية الخطاب الشكلية من مجموع الكلمات المستقلة بذاتها، فنظام الكتابة في العربية
يحكمه نظام التقطيع النصي(Textual Partition System ) المستقل بعضه عن بعضٍ – أي كلمات متباعدة تركب وفق نظام البناء العام- وتتخذ لها ترتيباً أفقيا مما يجعل النص اللغوي يعتمد بعضه على بعضٍ في الوصول إلى الدلالة النهائية، بمعنى أن العناصر اللغوية تتداعى في طلب عناصر أخرى وتكوِّن معها نصاً يفيد المخاطب دلالةً وإعلاما بأمر معين، فلا بدَّ من وجود نظام داخلي يحكم هذا الترتيب من حيث كيفية تناسقها وكيفية تحديد نوع الرابط الذي يقوم بدور أساسي في وصول النص إلى غايته الدلالية بإعلام المخاطب أمرا معيناً على شكل سلسلة كلامية متكونة من عناصر لغوية ثم من جمل مركبة أو من فقرات و نصوص.
        يهدف المتكلم ((الباث)) عند تشكيل نص لغوي إلى إرسال رسالة قد تحتوي هذه الرسالة على معلومة يجهلها المخاطب أو ينكرها، وهو ما عرف عند اللغويين والبلاغيين بالأسلوب الخبري وقد تعبر تلك الرسالة عن انفعال أو شعور القائل تجاه أمر معين، وهو ما يوضحه المخطط الآتي(1):
الآتي(1):
                         م  قطع لغوي 1   خصائص مميزة                                              
                                                                       كل موحد           نص                قارى
المرسل                                                                                                      
                                     ؟
             مقطع لغوي 2             جمل غير مترابطة             لا نص           لا قارى
                         ؟
        فغياب الخصائص المميزة أو وسائل التناسق –كما يسميها الباحث - في داخل النص المقروء أو المسموع تجعله مهترءاً- مجرد كلمات لا  يحكمها نظام داخلي ((فليس معنى الجملة مجموع المفردات التي تتألف منها بل هو حصيلة تركيب هذه المفردات في نمط معين حسب قواعد لغوية محددة))(2)، فمن الضروري أن تتوفر وسائل أو عناصر تساهم في بناء الترابط البنائي بين الكلمات وهذا يتوقف على أن يكون  للكلمات في داخل التركيب علاقات سياقية تربط بين عناصـــــــــــر سابقــــــــــة ولاحقــــــــــة وهــــذا

 ما يــــــــــسمى بالتــــــــــــماسك النصــــــــــــــي     
    (Textual Coherence)  أو التناسق الفني للكلمات ((فالتناسق يعني تتابع الألفاظ وتداعيها وتولد اللفظة من غيرها ... إن المعاني تبعثها الألفاظ إلى الوجود في صيغة تعبيرية وتثبت معالمها بجلاء ووضوح الوحدة التركيبية التي تقوم على أساس النظم وتدع المعاني متداعية واحدة تلو الأخرى... فالتناسق بين المعاني يعني الاستجابة الفنية للعمل الفكري والنفسي))(3)
    فالتناسق يحكمه مستويان:
   أحدهما: إفراد الكلمات التي يجب أن تنساب وتتناسق صوتياً وموسيقياً وإبعاد كل ما يخل بذلك.
   وثانيهما: تناسق المعنى الدلالي من حيث التسلسل الزمني أو الحدثي لتركيب الجمل. وهذان المستويان لا ينفك أحدهما عن الآخر، فمن اجل إنشاء نص متماسك وقوي يجب توفر هذين الشرطين، فالتماسك في مفهوم أهل اللغة هو الشد أو الربط فـ((المُسْكُ و المُسْكةُ  ما يمسك الأبدان من الطعام والشراب، وقيل ما يتبلغ به منهما، وتقول أمسك يمسك إمساكا، وفي حديث ابن أبي هالة في صفة النبي(r): بادنٌ متماسكٌ أراد أنه مع بدانته متماسك اللحم ليس بمسترخيه ولا منفضجه أي انه معتدل الخلق كأن أعضاءه يمسك بعضها بعضاً))(4)
        وقد يستبدل التماسك في اللغة بالربط لاتحادهما وإمكانية إبدال أحدهما مكان الآخر، فالربط في اللغة من ((رَبَطَ الشيء يربطه ويربطه ربطاً فهو مربوط ورَبِيط شدَّه))(5)، حتى إننا نقول في تعريفنا للتماسك أحيانا بأنه ربط الكلمات بعضها مع بعض حتى تكون نسيجاً متلاحماً من الكلمات تحكمه علاقات لفظية ومعنوية، فهو (( مجموعة من العلاقات اللفظية أو الدلالية بين أجزاء النص إذ تلتحم هذه الأجزاء ويتماسك بعضها مع بعض بحيث إذا غاب هذا الالتحام ظهر النص وكأنه أشلاء ممزقة لا رابط بينها))(6) لذا يجب أن نركز في دراستنا هذه على مواضع التماسك بين الجمل داخل الخطاب والعناية بمراكز الربط في التركيب، وهذه الروابط ما هي إلا علامات على علاقات الربط الخطي في الجمل.

-          أهمية التماسك النصي :
   نستطيع أن نحصر أهمية التماسك في أمور منها (7) :
1-      الإفادة
2-      الوضوح
3-      أمن اللبس
4-      عدم الخلط أو ثبات عناصر الجملة.


   إذ من خلال ذلك يمكننا أن نعد التماسك النصي داخل الخطاب من ((عوامل استقرار النص ورسوخه ومن ثم تتضح أهميته في تحقيق استقرار النص بمعنى عدم تشبث الدلالات الواردة في الجمل المكونة للنص))(8)، وعليه يمكن الاستناد إلى أن أغلب التعابير العربية – ومن ضمنها كلام Q ) (U بوصفه أعلى مراتب التعبير- يحكمه هذا المبدأ إذ نجد الكلمات ترتبط الواحدة بالأخرى وتدعوها إليها، فغالباً ما نجد في النص القرآني– على سبيل المثال لا الحصر- الصلاة مقرونة بالزكاة، والفحشاء بالمنكر، فمن المستحيل اقتران لفظ (الأمر بالمعروف) بلفظ (الخمر)، فالصلاة يدعو حقلها الدلالي مجموعة من الألفاظ ويرفض أخرى (9)، والسؤال الذي يُطرَح هنا هو: ما هي الصفات التي تحدد تماسك النص لغوياً؟
 إننا ندرك مدى ترابط النص أو تماسكه عبر عوامل داخلية وأخرى خارجية (تتمثل بالمتكلم والمخاطب والبيئة المحيطة بالكلام)، فالرسالة التي يطلقها شخص ما تحمل كل خبراته الماضية والحاضرة فضلاً عن بنائها القواعدي المتماسك إذ تحتوي كل جملة من جمل هذه الرسالة على رابطة أو أكثر يربطها بما يسبقها أو ما يلحقها (10)، ولذا يجب أن تكون هذه الجمل مترابطة فيما بينها لكي تكوِّن نصاً متماسكاً (11)، وهي تنشأ وسط حدث تواصلي خاص يؤثر في تحديد دلالة النص إذ أن ((كثيراً ما يؤدي ظهور قول واحد في سياقين مختلفين إلى تأويلين مختلفين)) (12)
        والمتلقي بوصفه مشاركاً في إنتاج دلالة النص - لأنه في الأساس لم يكتب إلا لمتلقٍ سواء أكان حقيقة أم خيالاً - يؤدي دوره أيضا في بيان المعنى لأن النص لا يتحقق وجوده إلا من خلال القارئ، فهو الذي يميز طبيعة المتكلم وطبيعة النص والوسائل المستعلمة في الخطاب وسياق التأليف (13).
          وقد حدد هايمز الخصائص الضرورية في العملية التواصلية بـ (14): (المرسل، المتلقي، الحضور، الموضوع، المقام، القناة، النظام، شكل الرسالة، المفتاح، الغرض)
    وأضاف بأنه ((ليست كلها – أي هذه الخصائص- ضرورية في جميع الأحداث التواصلية)) (15) إذ قد لا تؤدي بعضاً من هذه الخصائص أي دور في عملية التواصل هذه.



0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More