مختارات
من رسالة أيها الولد(5)
أيها الولد..!!
قد علمت من مما سبق أنك لا تحتاج إلى تكثير العلم، والآن أبين لك ما يجب على سالك سبيل الحق:
فاعلم أنه ينبغي للسالك شيخ مرشد مرب، ليخرج الأخلاق السيئة منه بتربيته، ويجعل مكانها خلقا حسنا.
ومعنى التربية يشبه الفلاح الي يقلع الشوك. ويخرج النباتات الأجنبية من بين الزرع لحين نباته. ويكمل ريعه، ولا بد للسالك من شيخ يربيه ويرشده الى سبيل الله تعالى لأن الله أرسل للعباد رسولا للإرشاد إلى سبيله فإذا ارتحل صلى الله عليه وسلم فقد خلف الخلفاء في مكانه، حتى يرشدوا إلى الله تعالى.
قد علمت من مما سبق أنك لا تحتاج إلى تكثير العلم، والآن أبين لك ما يجب على سالك سبيل الحق:
فاعلم أنه ينبغي للسالك شيخ مرشد مرب، ليخرج الأخلاق السيئة منه بتربيته، ويجعل مكانها خلقا حسنا.
ومعنى التربية يشبه الفلاح الي يقلع الشوك. ويخرج النباتات الأجنبية من بين الزرع لحين نباته. ويكمل ريعه، ولا بد للسالك من شيخ يربيه ويرشده الى سبيل الله تعالى لأن الله أرسل للعباد رسولا للإرشاد إلى سبيله فإذا ارتحل صلى الله عليه وسلم فقد خلف الخلفاء في مكانه، حتى يرشدوا إلى الله تعالى.
وشرط االشيخ الذي يصلح أن يكون نائبا لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه: أن يكون عالما، إلا أن كل عالم لا يصلح للخلافة.
وإني أبيّن لك بعض علاماته على سبيل الإجمال؛ حتى لا يدّعي كل أحد أنه مرشد، فنقول: من يعرض عن حب الدنيا وحب الجاه، وكان قد تابع شيخا بصيرا تتسلسل متابعته إلى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وكان محسنا رياضة نفسه من قلة الأكل والقول والنوم وكثرة الصلوات والصدقة والصوم، وكان بمتابعة الشيخ البصير جاعلا محاسن الأخلاق له سيرة: كالصبر والصلاة والشكر والتوكل واليقين والسخاء والقناعة وطمأنينة النفس والحلم والتواضع والعلم والصدق والحياء والوفاء والوقار والسكون والتأني وأمثالها،
فهو إذا نور من أنوار النبي صلى الله عليه وسلم يصلح للاقتداء
به، ولكن وجود مثله نادر أعز من الكبريت الأحمر.
ومن ساعدته السعادة فوجد شيخا كما ذكرنا، وقبله الشيخ، ينبغي أن يحترمه ظاهرا وباطنا:
أما احترام الظاهر فهو أن لا يجادله، ولا يشتغل بالاحتجاج معه في كل مسألة وإن علم خطأه، ولا يلقي بين يديه سجّادته إلا وقت أداء الصلاة، فإذا فرغ من الصلاة يرفعها، ولا يكثر نوافل الصلاة بحضرته، ويعمل ما يأمره الشيخ من العمل بقدر وسعه وطاقته.
ومن ساعدته السعادة فوجد شيخا كما ذكرنا، وقبله الشيخ، ينبغي أن يحترمه ظاهرا وباطنا:
أما احترام الظاهر فهو أن لا يجادله، ولا يشتغل بالاحتجاج معه في كل مسألة وإن علم خطأه، ولا يلقي بين يديه سجّادته إلا وقت أداء الصلاة، فإذا فرغ من الصلاة يرفعها، ولا يكثر نوافل الصلاة بحضرته، ويعمل ما يأمره الشيخ من العمل بقدر وسعه وطاقته.
وأما احترام الباطن: فهو أنّ كل ما يسمع ويقبل منه في الظاهر لا ينكره في الباطن لا فعلا ولا قولا؛ لئلا يتّسم بالنفاق، وإن لم يستطع يترك صحبته إلى أن يوافق ياطنه ظاهره.
ويحترز عن مجالسة صاحب السوء؛ ليقصر ولاية شياطين الإنس والجن من صحن قلبه، فيصفي عن لوث الشيطنة، وعلى كل حال يختار الفقر على الغنى.
وحسن الخلق مع الناس: ألا تحمل الناس على مراد نفسك، بل تحمل نفسك على مرادهم ما لم يخالفوا الشرع.
ثم إنك سألتني عن العبودية وهي ثلاثة أشياء:
أحدها: محافظة أمر الشرع.
وثانيها: الرضاء بالقضاء والقدر وقسمة الله تعالى.
وثالثها: ترك رضاء نفسك في طلب رضاء الله تعالى.
وسألتني عن التوكل؟
وهو أن تستحكم اعتقادك بالله تعالى فيما وعد، يعني تعتقد أن ما قدر لك سيصل إليك لا محالة وإن اجتهد كل من في العالم على صرفه عنك، وما لم يكتب لك لن يصل إليك، وإن ساعدك جميع العالم.
وسألتني عن الإخلاص؟
وهو أن تكون أعمالك كلها لله تعالى، ولا يرتاح قلبك بمحامد الناس، ولا تبالي بمذمتهم.
واعلم أن الرياء يتولد من تعظيم الخلق.
وعلاجه أن تراهم مسخرين تحت القدرة، وتحسبهم كالجمادات في عدم قدرة إيصال الراحة والمشقة لتخلص من مراياتهم. ومتى تحسبهم ذوي قدرة وإرادة لن يبعد عنك الرياء.
أيها الولد..!!
والباقي من مسائلك بعضها مسطور في مصنفاتي، فاطلبه ثمّة: وكتابة بعضها حرام، اعمل أنت بما تعلم، لينكشف لك ما لم تعلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم"
أيها الولد..!!
بعد اليوم لا تسألني ما أشكل عليك إلا بلسان الجنان، قال تعالى: (ولوأنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم)
واقبل نصيحة الخضر عليه السلام حين قال:( فلا تسئلني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا(
ولا تستعجل حتى تبلغ أوانه يكشف لك وتر ( سأوريكم آياتي فلا تستعجلون( فلا تسألني قبل الوقت وتيقن أنك لا تصل إلا بالسير لقوله تعالى:(أولم يسيروا في الأرض فينظروا)
بعد اليوم لا تسألني ما أشكل عليك إلا بلسان الجنان، قال تعالى: (ولوأنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم)
واقبل نصيحة الخضر عليه السلام حين قال:( فلا تسئلني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا(
ولا تستعجل حتى تبلغ أوانه يكشف لك وتر ( سأوريكم آياتي فلا تستعجلون( فلا تسألني قبل الوقت وتيقن أنك لا تصل إلا بالسير لقوله تعالى:(أولم يسيروا في الأرض فينظروا)
أيها الولد..!!
بالله إن تسر تر العجائب في كل منزل، وابذل روحك، فإن رأس هذا الأمر بذل الروح، كما قال ذو النون المصري رحمه الله تعالى لأحد من تلامذته: إن قدرت على بذل الروح فتعال، وإلا فلا تسشتغل بالترهات الصوفية.
أيها الولد..!!
إني أنصحك بثمانية أشياء، اقبلها مني لئلا يكون علمك خصمك يوم القيامة، تعمل منها أربعة، وتدع منها أربعة:
أما اللواتي تدع:
فأحدها: ألا تناظر أحدا في مسألة ما استطعت لأن فيها آفات كثيرة، فإثمها أكبر من نفعها، إذ هي منبع كل خلق ذميم كالرياء والحسد والكبر والحقد والعداوة والمباهاة وغيرها.
نعم لو وقع مسألة بينك وبين شخص أو أقوام، وكانت إرادتك فيها أن تظهر الحق ولا يضيع، جاز البحث، لكن لتلك الإرادة علامتان:
إحداهما: ألا تفرّق بين أن ينكشف الحق على لسانك أو على لسان غيرك.
والثانية: أن يكون البحث في الخلاء أحبّ إليك من أن يكون في الملأ.
واسمع أني أذكر ههنا فائدة، واعلم أن السؤال عن المشكلات عرض مرض القلب إلى الطبيب، والجواب له سعي لإصلاح مرضه.
واعلم أن الجاهليين: المرضى قلوبهم، والعلماء: الأطباء.
والعالم الناقص لا يحسن المعالجة، والعالم الكامل لا يعالج كل مريض، بل يعالج من يرجو فيه قبول المعالجة والصلاح، فإذا كانت العلة مزمنة أو عقيما لا تقبل العلاج، فحذاقة الطبيب فيه أن يقول: هذا لا يقبل العلاج، فلا تشغل فيه بمداواته لأن فيه تضييع العمر.
ثم اعلم أن مرض الجهل على أربعة أنواع : أحدها يقبل العلاج، والباقي لا يقبل.
أما الذي لا يقبل:
فأحدهما: من كان سؤاله واعتراضه عن حسد وبغض، فكلما تجيبه بأحسن الجواب وأفصحه، فلا يزيد له ذلك إلا بغضا عداوة وحسدا، فالطريق ألا تشتغل بجوابه، فقد قيل:
كل العداوة قد ترجى أزالتها ** إلا عداوة من عاداك عن حسد
فينبغي أن تعرض عنه، وتتركه مع مرضه؛ قال الله تعالى:( فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا)
والحسود بكل ما يقول ويفعل يوقد النار في زرع علمه:" الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب".
والثاني: أن تكون علته من الحماقة، وهو أيضا لا يقبل
العلاج كما قال عيسى عليه السلام: إني ما عجزت عن إحياء الموتى، وقد عجزت عن
معالجة الأحمق.
وذلك رجل يشتغل بطلب العلم زمنا قليلا ويتعلم شيئا قليلا من علوم العقل والشرع، فيسأل، ويعترض من حماقته على العالم الكبير، الذي أمضى عمره في العلوم: العقلي والشرعي، وهذا الأحمق لا يعلم، ويظن أن ما أشكل عليه هو أيضا مشكل للعالم الكبير، فإذا لم يعلم هذا القدر يكون سؤاله من الحماقة، فينبغي ألا يشتغل بجوابه.
والثالث: أن يكون مسترشدا، وكل ما لا يفهم من كلام الأكابر يحمل على قصور فهمه، وكان سؤاله للاستفادة، لكن لكونه بليدا لا يدرك الحقائق، فلا ينبغي الاشتغال بجوابه أيضا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم"
0 التعليقات:
إرسال تعليق