Featured Video

الأربعاء، 12 مارس 2014

صفة خطبة النبي صلى الله عليه وسلم

صفة خطبة النبي صلى الله عليه وسلم[i]



المقدمة

الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عبده المصطفى وعلى اله وصحبه ومن اقتفى وبعد:-
إن الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة وهدى ضرورة من ضرورات هذه الحياة لا تقل أهمية عن حاجة الإنسان إلى الطعام والشراب، بل هي من أعظم الضرورات على الإطلاق والعموم؛ إذ تتوقف عليها سعادة البشرية ونيل مكانتها وريادتها، بل يتوقف على تركها ذل الأبد وحزن الدهر.
"إن الله بعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة"،
 ولكن لن تجد الدعوة إلى الله أثرها أو تحقق مقصدها على هذا النحو إلا إذا وجد الداعية الناجح الذي يحملها ويعيش بها ولها، ويحمل لها في قلبه المكان الأسنى والمطلب الأسمى.

والخطبة من أكثر أنواع الدعوة تأثيرًا ووصولاً للقلوب والأسماع إن أحسن الخطيب وتميز.
إنّ الخطابة مسؤولية عضمى لا يعلم حجم خطورتها إلا من يعلم أهميتها , فهي منبر التوجيه والدعوة وإحياء السنن وقول الحق وقمع البدع .

 من هنا وجب أن تكون لنا وقفة مع الخطيب وصفاته، نحاول التعرف على جوانب ثقافته ومصادر أفكاره وأهم المكونات التي تؤثر في إفرازه وإيجاده.
ولهذا فقد قمت متوكلا على الله مستعينا به جل وعلا بالاطلاع على معظم المطولات في هذا الفن وأخرجت منها بتصرف وأختصار سمات وصفات الخطيب الناجح والمؤثرمع يعض الاضافات واتمنى ان يجد كل خطيب مطلبه في هذا العمل.


وقد أسميته خمسون وصية ووصية لتكون خطيباً ناجحاً وقد تزداد الوصايا على ذلك
وقد جعلته ستة فصول الأول وصايا في خطبة الجمعة وأهميتها والثاني وصايا للخطيب والثالث وصايا للخطيب مع جمهوره  والرابع وصايا قبل الخطبة والخامس وصايا أثناء الخطبة والسادس والأخير وصايا بعد الخطبة .
والله أسأل أن يتقبل هذا العمل وأن يجعله صالحا ولوجهه خالصا وأن يسد الخلل إنه نعم المولى ونعم المصير .


وما أجمل أن يقف الخطيب وقفة تأمل مع خطبة  النبي صلى الله عليه وسلم، ويقتبس من هذا النبع الصافي أسوة وقدوة ومعلّما،
 يتحدث ابن القيم رحمه الله واصفاً خطب النبي صلى الله عليه وسلم وما آلت إليه الحال بعد النبي صلى الله عليه وسلم في عصر ابن القيم فيقول : وكذلك كانت خطبه صلى الله عليه وسلم إنما هي تقرير لأصول الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه، وذكر الجنة والنار وما أعد الله لأوليائه وأهل طاعته وما أعد الله لأعدائه، و أهل معصيته،
 فيملأ القلوب من خطبته إيماناً وتوحيداً ومعرفة بالله وأيامه لا كخطب غيره التي إنما تفيد أموراً مشتركة بين الخلائق وهي النوح على الحياة والتخويف بالموت،
 فإن هذا أمر لا يحصل في القلب إيماناً بالله ولا توحيداً له ولا معرفة خاصة به ولا تذكيراً بأيامه ولا بعثاً للنفوس على محبته والشوق إلى لقائه فيخرج السامعون ولم يستفيدوا فائدة غير أنهم يموتون وتقسم أمولهم ويبلى التراب أجسامهم 0فياليت شعري أي أيمان حصل بهذا ؟وأي توحيد ومعرفة وعلم نافع حصل به ؟

 ومن تأمل خطب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب أصحابه وجدها كفيلة ببيان الهدى و التوحيد وذكر صفات الرب جل جلاله وأصول الإيمان الكلية والدعوة إلى الله وذكر آلائه التي تحببه إلى خلقه وأيامه التي تخوفهم من بأسه،
 والأمر بذكره وشكره الذي يحببهم إليه فيذكرون من عظمة الله وصفاته ما يحببه إلى خلقه ويأمرون من طاعته وشكره وذكره ما يحببهم إليه فينصرف السامعون وقد أحبوه وأحبهم ثم طال العهد وخفي نور النبوة وصارت الشرائع والأوامر رسوماً تقام من غير مراعاة حقائقها ومقاصدها فأعطوها صورها وزيّنوها بما زيّنوها به فجعلوا الرسوم والأوضاع سنناً لا ينبغي الإخلال بها وأخلوا بالمقاصد التي لا ينبغي الإخلال بها فرصّعوا الخطب بالتسجيع والفقر وعلم البديع فنقص بل عدم حظ القلوب منها وفات المقصود بها .
تعال معي أخي الخطيب لنقف مع العالم الربّاني ابن قيّم الجوزية وهو يصف لنا  في زاد المعاد هديه صلى الله عليه وسلم في الخطبة
  • كان صلى الله عليه وسلم ينتظر اجتماع الناس، ثم يخرج إليهم ويسلم.
  • ثم يتوجه إلى المنبر، وكان منبره ثلاث درجات.
  • وكان في جانب المسجد الغربي قريباً من الحائظ.
  • فإذا صعد المنبر استقبل الناس وسلّم عليهم.
  • ثم يجلس فيشرع بلال في الأذان.
  • فإذا فرغ بلال من الأذان شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخطبة من غير فصل (أي بين الأذان والخطبة).
  • فيقوم ويستقبل الناس بوجهه.
  • ويستفتح الخطبة بحمد الله تعالى، والثناء عليه بما هو أهله.
  • ويتشهد فيها بكلمة الشهادة، ويشير بالسبابة.
  • ويقول: أما بعد.
  • وكانت تحمرّ عيناه.
  • ويعلو صوته.
  • ويشتد غضبه، كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم.
  • ويكثر من ذكر الله عز وجل.
  • وينتقي جوامع الكلم.
  • فيعلمّهم قواعد الإسلام، ويذكر الجنة والنار، ويأمر بتقوى الله تعالى، ويُبيّن موارد غضبه، ومواقع رضاه.
  • ويخطب أحياناً بالقرآن، فيقرأ سورة (ق) ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم كان يرتلها، على كثرة ما قرأها على المنبر.
  • وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم.
  • وكان يأمر وينهى ويعلم أثناء الخطبة إذا عرض ما يقتضي ذلك.
  • وكان يقطع الخطبة لحاجة تعرض له.
  • وكان يدعو الرجل باسمه في خطبته.
  • وكان يشير بالسبابة عند ذكر الله تعالى ودعائه.
  • ويستسقي إذا قحط المطر, ويرفع يديه.
  • وكان يختم خطبته بالاستغفار.
  • فإذا انتهى من الخطبة الأولى جلس جلسة خفيفة ثم يقوم فيخطب الخطبة الثانية. {ولم يصح أنه كان يخطب خطبتين في غيرخطبة الجمعة، وقياس خطبة العيدين على الجمعة، لا وجه له}.
  • وكان يُقصر الخطبة غالباً، ويطيلها أحياناً بحسب حاجة الناس.
  • فإذا فرغ من الخطبة الثانية نزل فصلى بالناس.
  • وكان يطيل الصلاة، فيقرأ بسبّح والغاشية، أو بالجمعة والمنافقون، ولم ينقل عنه أنه قرأ بغير ما ذكر. فتنبه والزم غرزه تهتدي.
فإذا فرغ من الصلاة دخل بيته وصلى ركعتين".[1]





[1] - زاد المعاد من هدي خير العباد" لابن القيم، بتصرف وزيادات يسيرة (1/ 186-191 و 364-440)






[i] ) من كتاب (خمسون وصية  ووصية لتكون خطيباً ناجحاً) أمير بن محمد المدري- إمام وخطيب مسجد الايمان-  اليمن

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More