Featured Video

الأربعاء، 23 مارس 2016

أخطاء الآباء يعاقب عليها الأبناء

أخطاء الآباء يعاقب عليها الأبناء
بقلم: عادل فتحي عبدالله
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ،  كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾
(3-2 :سورة الصف )

المشكلة أننا كثيراً ما نعاقب أبنائنا على أشياء نحن نرتكبها بالفعل، وأولادنا قد تعلموها منا، ربما أننا لا نريد منهم أن يرتكبوا  نفس الأخطاء، وهذا من حقنا، ولكن الطفل لن يفهم هذا الأمر، الطفل يقلد، فحسب.

إنه يتعلم بالممارسة، وليس بالفلسفة، لا يعرف معنى الخير، والشر، والحق، والجمال.. إنه يعرف أباه، ويحبه، كما يعرف أمه ويحبها، ومن ثم فهو يفعل مثلما يفعلان، ويقلدهما، ومن ثم عندما يعاقب على شيء هما يفعلانه يشعر بالحزن والأسى.

كما أنه لا يفهم لماذا يعاقب على هذا الأمر، بالرغم من أن أباه أو أمه يفعلانه؟!!
على سبيل المثال، يقوم بعض الآباء بسب الطفل بألفاظ معينة عندما يخطأ، ومرة بعد أخرى يحفظ الطفل هذا السباب، ثم يقوم الطفل بسب الأم أو الأب بنفس الألفاظ التي سبق وسبه بها الأب أو الأم!

فيقوم الأب أو الأم بعقاب الطفل، فيستغرب الطفل، ويبكي بشدة، فهو لا يعرف لماذا يعاقب؟!
إنه لم يفعل-من وجهة نظره-شيئاً يستحق العقاب، إنه فعل ما فعله الوالدان معه من قبل.
الطفل لا يعرف الفرق بين الألفاظ، ولا يفهم معانيها بدقة، ولا يدرك الفرق في التعامل بين الكبير والصغير..إلخ

وقبل أن تعاقب طفلك انتبه لنفسك، ولا تعطيه الخيط، فإذا جذبه غضبت منه، وعاقبته، بل كن المثل الأعلى، وحاول أن تنته عما تنهاه عنه أولاً.

يقول د/مسلم تسابحجي (في أحد الأيام كان هناك متسلقان، يصعدان طريقاً جبلياً، وفجأة وجدا نفسيهما وجهاً لوجه أمام دب ضخم، جلس أحدهما فوراً على الأرض، وسحب زوجاً من أحذية الركض، من حقيبته الموضوعه على ظهره، وبدأ ينتعلهما بسرعة، بعد خلع حزام التسلق الضخم،
 فحدق المتسلق الآخر فيه مندهشاً ثم سأله: ماذا تفعل؟ هل تظن أنك تستطيع أن تسبق الدب؟!
أجاب المتسلق الأول: ليس المهم أن أسبق الدب، المهم أن أسبقك أنت!!

لا مانع من أن نفكر كما فكر المتسلق الأول في بعض السياقات، ولكن هذا النمط من التفكير غير مقبول، وغير عملي عندما نكون في إطار الأسرة،
كان الحل لدى المتسلق الأول هو الهروب، ومحاولة إبعاد نفسه عن الموقف الصعب،
وربط نجاته بقدرته على التفوق في المناورة، وهزيمة الآخر، الذي يصبح ضحية لذلك الموقف الخطير. 

ولكن عندما يكون ذلك الآخر جزءاً مني وأنا جزء منه، فلا معنى لنجاتي من دون نجاته، إلا إذا قبلنا بالقول الشائع: نجحت العملية، ولكن المريض مات.

كثير من الآباء يهربون من المواقف الصعبة، يهربون من تحمل المسؤولية، ويحاولون إلقائها على شخص آخر، لذلك يتركون كثيراً من واجباتهم، التي لا يستطيع غيرهم القيام بها،
يتركونها  للروضة أو للمدرسة، أو لمقدمي الرعاية،

 أو لأي جهة يرسلون الأطفال إليها...لا تتبن طريقة المقاول العام في القيام بواجبك التربوي، باستعمال أو استئجار مقاولين فرعيين، للقيام بالعمل الفعلي، المتمثل في تربية أبنائك..
أحياناً أشرح واجب الآباء والأمهات في تحمل المسؤولية بمثال بسيط:

هل حدث معك أنك اكتشفت – بعد انتهائك من تزرير أزرار القميص بقي زر في الأعلى ليس له عروة، أو بقيت عروة ليس لها زر؟، بالطبع كل منا قد مر بهذه التجربة المضحكة، خاصة عندما نكون على عجلة من أمرنا، كيف نكتشف عادة أننا أخطأنا؟
طبعاً عندما ننظر إلى المرآة، ونرى قبة مرتفعة، وأخرى منخفضة،

ماذا نفعل عادة؟ طبعاً سوف نتحمل المسؤولية ونصحح الخطـأ.
إلى أين نتجه بأيدينا عادة عندما نريد إصلاح خطأ؟
طبعاً باتجاه أنفسنا، وبالرغم من أننا رأينا الخطأ هناك في المرآة، إلا أن أي عاقل منا لن يتوجه إلى المرآة ليصلح الخطأ..لماذا؟؟

لأننا إذا توجهنا بأيدينا نحو المرآة فسنكسرها، ونجرح أيدينا، ولا نرى الخطأ، بالرغم من أنه مازال موجوداً!
أبناؤنا -أيها الإخوة القراء- هم مرآة لنا، نرى في تصرفاتهم انعكاساً لتصرفاتنا، نسمع في كلامهم صدى أقوالنا، فإن لم يعجبنا شيء من أفعالهم أو أقوالهم، فلنتجه إلى أنفسسنا فنصلح ما بها،
الطفل العنيد وراءه أم أو أب أعند منه، والطفلة التي تخاف وراءها –عادة- أم تخاف أكثر منها، والطفل الانفعالي وراءه أسرة
قد رضع منها الانفعال...مساكين أنتم يا أبنائنا، ما أكثر ما نعاقبكم بسبب أخطائنا!..)

وصدق الشاعر العربي الأصيل الذي عبر عن ذلك بقوله:
 يا أيها الرجل الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ             هَلَّا لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ 
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي       الضَّنَى كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ 
ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا         فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ 
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى       بِالْقَوْلِ مِنْك وَيحصل التسليمُ 
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ                 عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ


حذر طفلك من الأفكار السلبية



حذر طفلك من الأفكار السلبية
بقلم: عادل فتحي عبدالله

تعد الأفكار السلبية عن الذات، والتي عادة ما تنبع من العقل الباطن، والذي يخاطبك بأسلوب التأنيب والتوبيخ بصفة دائمة أو شبه دائمة، تعد هذه الأفكار من مثبطات الثقة بالنفس.
الصوت الداخلي الذي يحدثك دوماً بأفكار سلبية، ويحاول بين الحين والآخر الحط من شأنك ومن قيمتك، ومن إنجازاتك... هذا الصوت الداخلي السلبي يجب أن تواجهه بكل قوة وحسم، ولا تسمح له بأن يحطم معنوياتك ويفقدك الثقة بالنفس!!

كثيرا ما نجد هذا الخاطر يداعب أولادنا بين الحين والآخر، وقد يساهم في تحطيم معنوياتهم، أو الحد من تطلعاتهم، أو -على أقل تقدير- يمثل عائقا كبيراً أمام تفوقهم الدراسي، ومن هنا صار لزاماً علينا أن نوضح لهم هذا الأمر ونحذرهم من التمادي فيه بشكل أو بآخر.

وهذه نبذة مختصرة عن تلك الأفكار السلبية، وتأثيراتها ، وسبل التخلص منها ومكافحتها، والحد من آثارها المدمرة على الذات والمجتمع.

ما علامات هذه الأفكار السلبية؟!

تتخذ تلك الأفكار عادة طابع الخوف على النفس، والحرص على الإنجاز، لكنها في الحقيقة ما هي إلا مثبطات للإنجاز، ومدمرات للذات، ومن أمثلة هذه الأفكار وعلاماتها المقولات الآتية:
أنا فاشل!
أنا لا أستطيع أبداً التحكم في تصرفاتي.
أنا لا أقدر على فعل هذه الأمور لأنني تعودت على الإهمال منذ الصغر، وهكذا سأظل.. إنني دائماً ما اقترف الأخطاء ثم اضطر للاعتذار، إنني كسول.. هذه هي طبيعتي ولن تتغير... الخ.

مثل هذه المقولات السلبية يسميها عالم النفس أوجين ساجان (الناقد المرضي)، إنه ناقد داخلي ذاتي دائماً ما يؤنبك ويلومك على الأخطاء، ويتهمك دوماً بكل نقيصة، ويعمل على إجراء المقارنات بينك وبين غيرك من الناس لصالح هؤلاء الناس بصفة دائمة، فيتهمك بالفشل لكونك لم تحقق تلك الإنجازات التي حققها هؤلاء الناس.

كما أنه يتهمك بالفشل وعدم تحقيق معايير النجاح، مع أنه قد وضع لك معايير صعبة جداً لتحقيق النجاح، هذه المعايير من المستحيل تحقيقها ثم يطالبك بتحقيقها فإن لم يتم تحقيقها بالفعل، فأنت فاشل!!

هذا الناقد المرضي الداخلي لا يلومك هكذا بدون أسباب أو مبررات... كلا إنه ناقد منطقي جداً، وفي غاية العقلانية – كما يبدو في الظاهر – إنه يقدم لك المبررات المنطقية على فشلك ليقنعك بالفشل..

لكنه ناقد خبيث إذ يحدثك بالمنطقية والعقلانية، لكنه في ذات الوقت يرتكب أكبر السقطات المنطقية، لكن بدون أن يشعرك بهذا، إذ يقع في التعميم الزائد، والتعميم المتسرع، وغيرها من السقطات المنطقية، لكن لكونه يتحدث إليك بعقلانية فإنك تصدقه، ولا تدقق كثيراً في اختياراته، وإرشاداته التي تبدو أنها في صورة نصح لك،

 لكنها في الحقيقة مثبطة للهمم، وفاقدة للثقة أو مفقدة للثقة في النفس بطريق أولى؛ لذلك يجب التفرقة الحقيقية بين الناقد المرضي، والناقد الصحي، فالناقد المرضي فيما يبدو أنه يخاف عليك ويدفعك للعمل والإنجاز، لكنه في الحقيقة يعمل على إفقادك الثقة بالنفس، وتعزيز المشاعر السلبية لديك، ويمنحك إحباطات كثيرة..

لكن الناقد الصحي، هو صوت داخلي ينتقد أخطائك في سبيل إصلاحها، فهو لا يستخدم عبارات مثل: أنت فاشل.. فلان أفضل منك لأنه كذا.. أتذكر فشلك في تحقيق كذا وكذا في الماضي؟! أنت دائما ما تستخدم نفس الأدوات، ولا تستطيع تغييرها...الخ.
الناقد الصحي لا يستخدم مثل هذه العبارات مطلقاً، إنما يستخدم عبارات مثل: لقد أخطأت التقدير يجب علي أن أصحح ما قمت به سلفاً..

إنني فشلت في كذا لكنني نجحت في تحقيق أمور أخرى كثيرة، لقد حان وقت العمل... لا وقت للتبكيت والملامة.
إخفاقاتي السابقة في الماضي كانت لظروف معينة وقد تغلبت على هذه الظروف الآن، يجب أن أتخذ الفشل طريقاً للنجاح بأن أتعلم من أخطاء الماضي ولا أكررها.. لقد نجح الآخرون في أشياء تناسبهم ولقد نجحت في أشياء أخرى تناسبني (وكل ميسر لما خلق له)..

مبادئ التعلم الشرطي وتربية الأبناء

مبادئ التعلم الشرطي
وتربية الأبناء
بقلم عادل فتحي عبدالله
حسب النظرية السلوكية في علم النفس – وهي إحدى نظريات تفسير السلوك الإنساني – فإن السلوك الإنساني يعتبر مجموعة من العادات التي يكتسبها الشخص في حياته يوماً بعد يوم.
ويرون أن هذه السلوكيات تخضع لما أسموه مبادئ التعلم، وسوف نتعرف هنا على نبذة مختصرة عن مبادئ التعلم المؤثرة في السلوك الإنساني.
وكيفية التعلم أو التغلب على العادات، وهل فعلاً السلوك الإنساني والعادات المكتسبة عبر الزمن، والمتغلغلة في العمق الإنساني، هل يمكن للشخص التغلب حقيقة على مثل هذه العادات؟!!

يقول أصحاب المدرسة السلوكية –أن السلوك ما هو إلا استجابة لمثير، وأن السلوك الذي يتم تدعيمه وتعزيزه يقوى ويستمر حدوثه، أما السلوك الذي لا يتم تعزيزه، ولا يتلقى دعماً قوياً يحدث له ما يسمونه الإطفاء، والانتهاء بعد ذلك.
ومهما قيل من نقد لهذه النظرية، أو أن تجارب أصحاب هذه النظرية قد قامت على الحيوانات في الأصل، ولم تقم على الإنسان، إلا أنه لا يختلف أحد على أهمية التعزيز في تقوية السلوك وتدعيمه.

كذلك أهمية العقاب في القضاء على السلوك غير المرغوب في كثير من الأحيان، ولهذا كانت الجنة وكانت النار، وكان الحساب والعقاب.

إضافة إلى أنه وإن كانت التجارب الأولى لأصحاب هذه النظرية قد تمت بالفعل على حيوانات التجارب إلا أن تطبيقاتها حديثاً قد تمت بالفعل على الإنسان، وأثبتت نجاحات متكررة في التعليم الرسمي، بل وغير الرسمي، وفي عينات التجارب العشوائية التي قام بها عدد من علماء النفس على مجموعات متنوعة من المتطوعين من أعمار مختلفة.
يقول ثورنديك أن (العادة تزداد قوة بالممارسة وتضعف بعدم الممارسة) ويسمى قانون المران أو التدريب "Law of exercise"

إذا إذا أردت محاربة العادة فعليك بالحد من ممارستها، وإتباع ما يسمى (المقاومة) أو الدحض) فإن هذه المقاومة ستؤتي أكلها مع مرور الوقت. حيث ستعمل على إطفاء السلوك أو العادة غير المرغوبة.
أما عالم النفس سكنر فقد استكمل مشوار ثورنديك السلوكي، وتركزت أبحاثه في مجال علم النفس على التعلم الإجرائي، ودرس أهمية التعزيز كعامل أساسي في عملية التعلم.

ويرى أن الاستجابة عادة لا تنشأ من مثير معين، أو مثير معروف لكن قد يكون هناك عدة مثيرات غامضة ومن ثم اهتم بدراسة هذه المثيرات.
ويمكننا الاستفادة هنا في مجال محاربة العادة السيئة بهذه النظرية عن طريق البحث في كوامن السلوك، أو المثيرات الغامضة أو الباطنة وراء تلك العادة حتى نستطيع القضاء عليها فعلياً.
على سبيل المثال قد يكون التدخين عند بعض الأشخاص هو نوع من الهروب، فإذا حدثت مشكلة ما لشخص فإنه قد تعود الهروب من مواجهة هذه المشكلة عن طريق التدخين.
إنه قد يعتبره نوعاً من التنفيس عن الغضب، لكنه في الحقيقة هو هروب من مواجهة المشكلة!!

وإذا حاول الشخص أن يوجد بديلاً للتدخين لمواجهة مشكلاته فإن ذلك يساهم بدرجة كبيرة في حل الموضوع، ومساعدته في الإقلاع عن تلك العادة السيئة والمدمرة للصحة.
ويستفيد الشخص العادي من مبادئ التعليم في النظرية السلوكية أيضاً أن يعتمد نظام التعزيز أو المكافأة مع النفس.
يعني يمكنك أن تحدد لنفسك مكافأة ما حيث تنجح في دحض عادة معينة غير مرغوبة أو الإقلال منها بدرجة ما حسب ما وضعته لنفسك من أهداف.
كذلك عليك أن تمنع نفسك من أمور معينة كنوع من العقاب الذاتي إذا فشلت مرة في تحقيق الهدف الذي وضعته بنفسك!!

كما يستفاد من هذه النظرية في تحليل السلوك، أو العادة التي تريد التخلص منها، إن تحليل هذه العادة وإيجاد عواملها المختلفة المؤثرة فيها بشكل مباشر وغير مباشر، ومدى تحقق الأهداف المرجوة من ورائها والوقوف على السلبيات والإيجابيات كل ذلك يساهم في الحد من تلك العادة.
كما يمكنك القضاء على العادة عن طريق تجزئتها إلى أجزاء صغيرة، والقضاء عليها جزءًا بعد آخر، بمعنى أن أي عادة تتكون من عدة عوامل كالتالي (أسباب – دوافع – معززات – عوامل مساعدة – نتائج – بيئة محيطة...)

وعند تفكيك كل عامل من هذه العوامل بحيث يصبح إما عاملاً محايداً أو سلبياً ضد هذه العادة، فإننا نستطيع في النهاية مقاومة هذه العادة، والقضاء عليها بشكل نهائي، لأنها سوف تفتقر لعوامل استمرارها.
كذلك يمكننا الاستفادة من النظرية السلوكية عند محاربة العادات السيئة في وضع أهداف إجرائية محددة في طريقنا للتغلب على تلك العادات...
وذلك على سبيل المثال شخص ما يريد التخلص من عادة التدخين ويريد أن يضع أهدافاً مرحلية، للإقلال من التدخين في سبيل القضاء عليه نهائياً، فكيف يضع أهدافه؟!
هل يكتب مثلاً الهدف: الإقلال من التدخين؟!

الهدف بهذه الصورة هدف عام لا يمكننا قياسه، ولكي يمكن قياسه فعلياً، يجب أن يكتب بصيغة إجرائية كالتالي: «أن يدخن 3 سجائر فقط في اليوم» إن تحديد الهدف بهذه الصورة يمكننا قياسه، فإذا دخن 4 سجائر فإنه لم يحقق الهدف..
وأي هدف تريد أن تحققه: يجب عليك أن تضعه في صورة إجرائية يمكنك المحاسبة عليها، وتستطيع قياسها، وتعرف مدى تحققه من عدمه.



الاثنين، 21 مارس 2016

أهمية دراسة نمو الطفل


أهمية دراسة نمو الطفل
بقلم: عادل فتحي عبدالله
     الحقيقة التي يجب أن نعلمها جميعاً هي أن الطفل له طبيعته الخاصة، والتي يجب أن نتعامل معه من خلالها، من أجل معاملة صحيحة ومتوازنة ومثمرة، وحتى لا نضيع أوقاتنا هباءً، في تربيته بطريقة خطأ، قد لا تجدي معه سبيلاً.

     لقد كانت "النظرية التقليدية في التربية تعامل الطفل كأنه رجل صغير، تعامله ككائن يفكر، ويشعر مثلما نفكر ونشعر، وإنما فقط تنقصه المعرفة والخبرة، ولما كان الطفل ينظر إليه على هذه الصورة، فلم يكن أكثر من كبير جاهل.
      فلم تكن مهمة المربي تكوين عقله وتشكيله بقدر ما كانت تتوخى صقله وتهذيبه، فأصبح الظن بأن مادة الموضوع التي يتلقاها من الخارج كافية لأن تكون تمرينا بحد ذاتها.
    لكن المشكلة تصبح مختلفة تماماً، حالما يشرع المرء يواجه فرضية الاختلافات التكوينية، فإذا كان عقل الطفل يختلف اختلافاً نوعياً عن عقولنا،
فإن الهذف الرئيسي في التربية يصبح تكوين وصياغة الطاقة العقلية، والأخلاقية عنده،ولما كانت الطاقة لا تكون من الخارج،
فالمسألة إذاً هي أن نتحرى أنسب الطرائق،
وأفضل البيئات لمساعدته، على أن يكوّن نفسه تكويناً ذاتياً.
     وبعبارة أخرى، يتمكّن من تحقيق تماسك وموضوعية على المستوى العقلي، وأن يحقق تعاوناً على المستوى الخلقي.
    فمن المهمات الأساسية للمدرسة الجديدة إذاً هي أن تعرف ما طبيعة التكوين، وأن لدى مؤسسي المدرسة الجديدة جميعاً إما معرفة حدسية عامة أو معلومات دقيقة.

   فروسو مثلاً كان يؤكد في زمانه بأن لكل عمر طريقته الخاصة به في التفكير، لكن هذه الفكرة لم تصبح إيجابية إلا بعد أن حققها علم النفس في القرن العشرين."[1]
     ولهذا يقول د: ( جوليوس شوارتز) وهو اختصاصي بعهد الأبحاث بنيويورك: " يجب على الآباء أن يقرؤوا الكتب المختلفة عن الأطفال ليس من أجل استخلاص الحقائق لتقديمها للأطفال عند سؤالهم ، لكن من أجل توسيع المعلومات والآفاق التي تمهد لدراسة الطفل وفهمه فهما صحيحا"[2]
        ولهذا عملنا على أن نلقي الضوء على خصائص الطفل وسماته العامة في مراحله المختلفة، حسب ما توصلت الدراسات والأبحاث المختلفة، من أجل تعامل أفضل، قائم على فهم ووعي بطبيعة المرحلة التي يمر بها الطفل.
       حيث أن الطفل لا يفكر كما يفكر الكبار، وإنما له طريقته الخاصة في التفكير، ووزن الأمور، كما سنرى لاحقاً.

     (ويرجع الفضل إلى جيزل في تقديم نظرية النضج Maturational Mheory  في العقد الرابع من هذا القرن-يقصد القرن العشرين-وقد أثر جيزل أثراً كبيراً في مجال نمو الطفل.
    وذاعت كتاباته أكثر من غيرها في ذلك الوقت،ويؤكد أصحاب هذه النظرية على مفهوم النضج، فهم يرون أن النمو يحدث بطريقة ثابتة ومنظمة، داخلية ومتدرجة.
     كما يرون أن العوامل البيئية، ربما تكيف النمو ولكنها لا تقيده، ولا تحدث تقدماً فيه، وهم يصفون مراحل معينة للنمو، ولكنهم لا يحددون الوقت الذي يصل فيه الطفل لهذه المراحل، ويوضح جيزل ويحذر أن معايير العمر ليست موحدة، فهناك فروق فردية يمكن ملاحظتها في كل مرحلة من مراحل النمو.
     كما قدم روبرت "هافجهرست" نظريته عن النمو من خلال تقديم مفهوم مطلب النمو(Developmental Task) ويعتبر النمو                   بأنه سلسلة من الواجبات يجب أن تتحقق في إطار زمني معين، لتحقيق التقدم النهائي على نحو صحيح للفرد، ويقصد بمطلب النمو ذلك المظهر الذي يظهر في فترة ما من حياة الفرد،والذي إذا تحقق إشباعه بنجاح، أدى إلى شعور الفرد بسعادة،

      وأدى إلى النجاح في تحقيق مطالب الفرد المستقبلية، بينما يؤدي الفشل في إشباعه إلى عدم الرضى والشقاء، والرفض من المجتمع، وعدم التوافق مع مطالب المراحل التالية من الحياة.
     وترى هذه النظرية أن النمو هو نتاج تفاعل بين النواحي البيولوجية، والنمط الثقافي للمجتمع، الذي يوجد فيه الفرد، ومستويات طموح الفرد، وعلى ذلك فإن بعض مطالب النمو تظهر كنتيجة للنمو العضوي.
     مثل تعلم المشي في سن معينة من حياة الطفل، وبعضها ينتج عن الآثار، والضغوط الثقافية للمجتمع، مثل تعلم القراءة والكتابة، وبعضها ينتج من القيم التي يعيش بها الفرد، ومن مستوى الطموح الذي يهدف إليه.
    هذا ويعتقد (هافجهرست) أن النمو بمثابة التعلم خلال الحياة، كما قسم النمو إلى ستة مراحل رئيسية على النحو التالي:
1.    مرحلة المهد والطفولة المبكرة(الميلاد-5سنوات)
2.    مرحلة الطفولة المتوسطة(6-12 سنة)
3.    مرحلة المراهقة(13-18 سنة)
4.    مرحل الرشد المبكرة(19-29 سنة)
5.    مرحل الرشد المتوسطة(30-60 سنة)
6.    مرحلة الشيخوخة(70 سنة فأكثر)..)[3]







[1] ) دكتور عبدالعلي الجسماني(علم التربية وسيكولوجية الطفل ص203)- الدار العربية للعلوم – بيروت- 1414هـ-1994م
[2] ) " طفلك بين الثانية والخامسة ص67 " لمجموعة من الباحثين  ـ مكتبة النهضة المصرية - ترجمة عبد المنعم الزيادي.
[3] )د.أسامة كامل راتب(النمو الحركي..الطفولة والمراهقة ص68-96) – دار الفكر العربي-القاهرة- 1411هـ

الحوار مع الأبناء

الحوار مع الأبناء
بقلم: عادل فتحي عبدالله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم" وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فإنه مما لا شك فيه أن الحوار سلاح من الأسلحة الهامة والاستراتيجية، لكنه سلاح يبني ولا يهدم، ويعمر ولا يخرب، وهو سلاح نحتاجه جميعًا، آباء ومعلمين، بل تحتاجه الفئات المختلفة من الناس، ولا غنى لأحدنا عنه فى الوقت الراهن.
ولقد أضحى الحوار مع الأبناء ضرورة من ألزم الضرورات في هذا الزمن الصعب، ذلك لأن طفل اليوم ليس كطفل الأمس، فمع تعدد أدوات المعرفة وتطورها، بل وتنوعها، ومع تقدم تكنولوجيا الاتصالات، أصبح الطفل يعرف ما لم يكن يعرفه أقرانه في السابق، خصوصًا وأن الطفل اليوم قد يعرف ما لا يعرفه الآباء في كثير من الأحيان بخصوص مجالات معينة، نتيجة لتفوقه فى التعامل مع التكنولوجيا الحديثة والتي قد لا يحسن استخدامها بعض الآباء نتيجة انشغالهم الدائم أو نتيجة عدم إدراكهم لأهمية تعلمها، ولهذا أصبح أسلوب فرض الأوامر أمرًا غير مجد مع مثل هؤلاء الأطفال، ولا بد من انتهاج أسلوب آخر ألا وهو الحوار، حتى نواجه تلك التطورات، ونوجهها توجيهًا بناءً، ولا نصطدم معها.
ونستعرض هنا أهم  الآداب العامة التي يجب مراعاتها في الحوار:
1-   النيـة: ينبغي ألا يدخل المحاور فى حوار ما إذا لم يكن متأكدًا أن نيته لله عز وجل، فليس المقصود من الحوار أن يظهر براعته وثقافته وأن يتفوق على الآخرين، وأن ينزع الإعجاب والثناء ذلك كله أمر يحبط العمل عند الله عز وجل.
2-   ينبغي على المحاور أن ينظر في الظروف التي تحيط به قبل أي حوار، هل هي مناسبة للحوار والمناقشة أم لا، والظروف المحيطة ثلاثة: ظروف المكان، وظروف الزمان، وظروف الإنسان.
3-        لا تناقش فى موضوع لا تعرفه جيدًا، ولا تدافع عن فكرة إذا لم تكن على اقتناع تام بها.
4-   يجب على المحاور أن يعرف مستوى الطرف الذى يحاوره فى العلم والفهم، فإن الطالب لا يخاطب كما يخاطب العالم، والكبير لا يخاطب كما يخاطب الصغير، لأن الناس ليسوا طرازًا واحدًا.
5-   يجب على المحاور ألاّ يستأثر بالكلام لنفسه، ويحرم الطرف الآخر (أو الحاضرين) من الكلام بالإطالة به عن حدود الذوق واللياقة.
6-        لا تقاطع من تحاور بل استمع إليه كما تحب أن يستمع إليك، فكن مستمعًا بارعًا كما تحب أن تكون متحدثًا بارعًا.
7-   راقب نفسك وأنت تحاور أو تناقش، انتبه إلى حركاتك، ولهجة كلامك، ولا تستسلم لعاطفتك، فتتحول من مناقش إلى خطيب.. لا تكرر نفسك أو غيرك، فإن الناس قد سئموا التكرار.
8-        ينبغى للمحاور الجيد أن يضبط كلامه وأن يتقن لغته ما أمكن.
9-   المتحدث الناجح والمحاور الذكى هو الذى يحسن ضرب الأمثلة، ويتخذها إما وسيلة لتقريب وجهة نظره من السامع وشرحها، وإما لإقناعه بفكرته.
10-   لا تهمل النقاط المشتركة بينك وبين من تحاور.
11- قد تحصل مناقشة جانبية بعيدة عن الموضوع الأصلى، فمن الأفضل عند ذلك إقفال المناقشة أو التحاور بالموضوع الأصلى.
12- ينصح بإقفال المناقشة إذا لم يكن الشخص الآخر جادًا باحثًا عن الحقيقة، أو كان دون المستوى المطلوب للخوض فى الموضوع محل المناقشة.
13- إذا واجهك مناقشك بشيء لا تعرفه فلا تخجل من السؤال والاستفسار. واعلم أن هناك من الأئمة الكبار من كان لا يخجل أن يقول لا أدرى، ويتحرج من الفتوى بغير علم.
14- ينبغى على المتحاور أو المناقش أن لا يتعصب لرأى معين أو شخص معين أو فئة معينة، ينبغى أن يدور مع الحق حيث دار.
15- يحسن بالمناقش أن يترك العقول الضعيفة والحجج الواهية، فدليلان قويان لا يمكن الرد عليهما أفضل من سوقهما مع ثلاثة أدلة أخرى يمكن الأخذ والرد فيها.
16-   احترم الحقيقة، وكن أمينًا فى العرض، ولا تقطع عبارة عن سياقها، أو تعزلها عن مناسبتها، لتفسرها على خدم رأيك.
17-   لا تستشهد بأداء وأقوال من لا يطمئن إلى علمه وأمانته.
18-   على المحاور أن يحترم الأطراف الأخرى التى يحاورها.
19- من الإنصاف أن يبدئ المحاور إعجابه بالأفكار الصحيحة والأدلة الجيدة والمعلومات الجديدة التى يوردها الطرف الآخر ويسلم بها.
20-   اقتبس من كلام المحاور العبارات الجيدة التى تفوه بها فى وقت سابق، وهذا يضفى على المحاور صفة الموضوعية.
21- من المفروض أن تكون الثقة متوفرة بين الجانبين عند إدارة الحوار، فلا يؤول الكلام إلا بخير ما دام هناك محمل للتأويل الحسن.
22-   ينبغى ألا يذكر الإنسان بما يكره، وأن لا يتم تنقيصه وإظهار جهله وقصوره فى العلم.
23- عدم الطعن فى الفكرة وصاحب الفكرة، أو تجريح الأشخاص والهيئات إلا فى حالات قليلة يستحب الخروج عن هذه القاعدة، وذلك عندما تقتضى مصلحة الحق هذا.
24-   لا تدع من تحاور باسم أو صفة يكرهها.
25-   الفكرة التى تحاورها تكون أكثر قبولاً، إذا كنت مقتنعًا بها، حريصًا على نشرها.
26-   حادث المستمعين كأنك واحد منهم، وعبر عن آراءك بإخلاص وتجرد.
27-   أن المحاور الناجح أو المنصف يناقش بتلطف وهدوء، ويهتم بما يفتح مغاليق القلوب.
28-   من الحق ألا تسقه آراء صاحبك، وأن تظهر له الاحترام ولو كان على غير رأيك.
29- إن أسلوب التحدى فى المناقشة ولو كان بالحجة الدامغة والدليل المبين يبغض صاحبه للآخرين، فلا تلجأ إليه لأن كسب القلوب أولى من كسب المواقف.
30- عليك أن تتحاشى إفحام الآخرين وإسكاتهم، لأن ذلك قد يسكت الخصم لكنه لن يقوده إلى الهداية، بل يترك فى نفسه الحقد والغيظ، وخاصةً إذا كان أمام الآخرين.
31- يستثنى من الفقرة أعلاه حالات يحسن بالمحاور أن يلجأ فيها إلى الإفحام وإسكات الطرف الآخر، إذا كان ذلك الطرف رجلاً فاسد النية يعادى الحق. لا ينبغى الوصول إلى الحقيقة واحترام الدليل، ويسيء إلى الفكرة ويهينها، أو يتجاوز حدود الآداب، فيكون إفحامه عقوبة له.
32- إن المناظرة والمناقشة والحوار – فى غالب الأحيان – تؤثر فى القلوب، وتكدر الخواطر، فتذكر ذلك جيدًا. ولا تخرج – ما أمكن – معلنًا الخصومة على أحد.
33-   يجب التركيز فى الحديث والنجاة من الاستطراد والشتات، وأن يصل الحديث إلى نتيجة واضحة محددة.
34- لا تتوقع أن يوافقك الناس على رأيك، إذا كنت مصيبًا، وأقمت على ذلك الدليل، فالنفس الإنسانية مزيج عجيب من عوامل شتى. منها عامل الهوى. فإذا سيطر الهوى على المرء فلا حجة ولا منطق ولا دليل يؤثر فيه.
35-   الابتعاد عن سرد الكلام سردًا، بل تجزئته وترتيبه والتمهل أثناء الكلام ليفكر فيه السامع.
36-   يحسن بالمحاور ألا يرفع صوته أكثر مما يحتاج إليه السامع فذلك رعونة وإيذاء والمحاور ليس خطيبًا.
37- يحسن بالمحاور فى نهاية الكلمة أن يجمع شتات الموضوع فى نقاط محددة يوردها فى آخر الحديث، تلخصه فى عناصر محددة لأن كثرة الكلام ينسى بعضه بعضًا، وربما لا يبغى فى أذن السامع أكثر من هذه النقاط المحددة.


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More