Featured Video

الأحد، 21 فبراير 2021

السيطرة على العقل اللاواعي

كيف تسيطر على العقل اللاواعي

ليس من قبيل المبالغة أن نقول أن كل تصرفاتنا وأفعالنا ونجاحاتنا بل وفشلنا أحيانا كل ذلك نتيجة لتحكمات العقل اللاواعي في حياتنا بصفة عامة، حيث يعمل العقل اللاواعي ليل نهار ولا يتوقف أبدا حتى أثناء النوم،

 إنه يعمل على توجيه حياتنا الوجهة التي تتفق مع أفكارنا


ومكنون ما نعتقده، ونفكر فيه. 

كيف تتغلب على مخاوفك

ما الفرق بين الشخص الناجح والشخص الفاشل؟

هناك فرق جوهري..

قد يعتقد البعض أن الفرق بينهما هو العمل والاهتمام، لكن الحقيقة أن العمل والاهتمام ليس هو السبب الأساسي، وليس هو الفارق الجوهري، وإن كان هو السبب الظاهر للعيان ولمعظم الناس، إذن فما هو السبب الأساسي؟؟!!

في الحقيقة يكمن السبب الأساسي في العقل، وفي العقل الباطن على وجه التحديد.

كيف؟؟ّ!!

خذ مثالا على ذلك..رجلان حدثت لهما حادثة وأصيب كلاهما بخسارة فادحة في الصحة والمال، أحدهما ما لبث أن استعاد مكانته المالية، في غضون سنوات قليلة، وتغلب على العجز الجسدي الذي أصابه، بينما أصيب الآخر بالذهول واستسلم للمصيبة وانتهت أعماله ومكانته المالية تماما.

وهذا ما يعرف بالعجز و الكسل!!

ما هو الكسل ؟؟ 

هو التثاقل عن الفعل مع القدرة عليه، وإّذا اجتمع العجز مع الكسل فهي المصيبة الحقيقية، ولهذا جاء في الحديث النبوي الشريف: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل».

فالعجز هو عدم القدرة على الحيلة النافعة، والكسل عدم الإرادة مع توفر القدرة على الفعل، فالكسل ليس فعلا هينا كما يظن أغلب الناس، بل هو فعل قبيح سيء خطير، لأن صاحبه لا يتمتع بالإرادة القوية على العمل.

لأنه شخص خائف، والخوف من أكبر أسباب الفشل، لذلك الشخص الناجح هو شخص شجاع لا يخاف، شخص مؤمن بنفسه وبقدراته.

يقول نيسلون مانديلا: «الشجاع ليس هو الشخص الذي لا يشعر بالخوف، بل هو الشخص الذي يتغلب على مخاوفه»

ويمكن تلخيص هذه الإرادة في قول معجز، وموجز في نفس الوقت، وهو الحديث النبوي الشريف، الذي يقول (استعن بالله، ولا تعجز).

إن الإرادة القوية، والعزيمة الجبارة، تحتاج إلى أن يستعين صاحبها بالله تعالى، وأن يعتمد عليه، ويتوكل عليه.

"يقول أرسطو :         "فاقد الإرادة هو أشقى البشر"   

قد يفشل بعضنا في السيطرة على النفس، ويستسلم للهزيمة، ويحدث ذلك عادة نتيجة الفشل المتكرر في بعض الأمور، مع أن الفشل ليس نهاية المطاف، بل إن الفشل هو من أكبر دواعي النجاح، إن استطاع المرء التعلم من هذا الفشل، وعدم تكرار نفس الأخطاء، والمحاولة مرات ومرات أخرى  بطرق مختلفة.

يقول ألبرت أينشتين: «الإنسان الذي لم يخطئ لم يجرب شيئاً جديداً... لا تقلق من العوائق التي تواجهك فأنا أؤكد لك أن عوائقي أكبر بكثير».

بل إننا لنؤكد على حقيقة يذكرها كثير من العباقرة، ألا وهي أن (النجاح يولد من رحم الفشل).

لذلك فإن الشخص الذي لا يثق في نفسه، لا يثق في قدراته، لا يستطيع أبداً التحكم في تصرفاته، ولا التحكم في انفعالاته ولا التحكم في طريقة استجاباته المختلفة للأمور.

إذاً الثقة في النفس، والثقة في القدرات المختلفة، هي من أهم عوامل النجاح في الحياة، وتحقيق الأهداف، وبلوغ الغايات، وتحطيم الصعوبات المختلفة التي يمكن أن تواجهك في حياتك.

ماذا قيل عن الثقة بالنفس

مصطفى السباعي:

لا تأتي الثقة بالنفس من خلال كونك دائماً على حق، بل من خلال كونك غير خائف من أن تكون على خطأ!

تحدثك دائماً عن نفسك، دليل على أنك لست واثقاً منها.


نابليون بونابرت

أحب دائماً أن يقول الناس لي أنك لا تستطيع أن تفعل ذلك، لأنهم كلما قالوا لي ذلك أفعله بجدارة.

فرجيل:

أدرك أنه لا أحد يمكنه أن يتسبب بهزيمتي إلا أنا فقط.

أغسطس هير:

الناجحون يقدرون على النجاح لأنهم فقط يعتقدون أنهم يقدرون عليه.

روجر فريتس

الثقة بالنفس والمهارة جيش لا يقهر.

جون أريكسون:

من يتصرف بدافع الخوف يظل خائفاً.

ومن يتصرف بدافع الثقة بالنفس يتطور دائماً.

جوته:

إذا كان لديك ثقة بنفسك، فإنك ستلهم الآخرين الثقة.

إذا شككت بنفسك، فأنت تقف على أرض مهتزة.

جورج هربرت:

كن نفسك، فهذه هي الخطوة الأولى لتصبح أنت أفضل من نفسك.

أرسطو:

الثقة بالنفس هي روح البطولة.

شارلي شابلن:

ربما لم يعلق الآخرون آمالاً عريضة عليّ، لكنني كنت دائماً أعلق آمالاً عريضة على نفسي.

هنري ابسن:

الشخص الواثق بنفسه يقول: يبدو الأمر صعباً لكنه ممكن...

أما الشخص غير الواثق من نفسه يقول: الأمر ممكن ولكنه يبدو صعباً.

المهاتما غاندي:

ليس كل سقوط نهاية، فسقوط المطر هو أجمل بداية.

عودة إلى ىالعقل الباطن

قد يقول قائل وما علاقة العجز أو الكسل وضعف الإرادة والثقة بالنفس بالعقل الباطن؟؟

 العلاقة بينهما وطيدة وقوية وراسخة، حيث أن العقل الباطن يمثل المخزون الإستراتيجي للأفكار والقيم والمبادىء التي يؤمن بها الشخص، ومن ثم هو المسؤول غير المباشر عن الأفعال والسلوكيات اليومية.

وهو الذي يبث فيه الأفكار الإيجابية أو الأخرى السلبية التي تدفعه نحو المستقبل المشرق أو تدفعه إلى غير ذلك.

وكم من إنسان ظننا أنه فاشل لا مستقبل له ، إلا أنه فاجأ الجميع بما لم يكن في الحسبان، كيف ؟؟

بقوة العقل الباطن..

لقد كانت لديه الإرادة والعزيمة القاهرة التي تغلبت على أنات الوجع، وآهات السنين، وعثرات الطريق، وفوق ذلك الثقة بالنفس التي منحته القوة والعزيمة والإصرار على النجاح، وتحقيق ما يريد ويصبو إليه.

لقد كان سيكيروهوندا طالباً فاشلاً، بمقاييس المعلمين أنذاك، ولم يكن يتوقع أحد من  زملائه 


الأخرين أن ينجح في حياته، أو أن يحقق تقدما يذكر.

لأنه كان يكره العلم النظري، ويميل إلى الصناعات المعملية، وكان المعلمون يصفونه بالطالب الفاشل، وتسببوا في أن يترك التعليم في سن مبكرة قبل أن يتم المرحلة الإعدادية،

 ووصفوه بأفظع الألفاظ، لكنه كان واثقاً من نفسه، ويعرف ماذا يريد، فترك التعليم ليفتح ورشة ميكانيكية صغيرة، كانت هي بداية حياته العملية التي كان يعشقها، وبعد عدة سنوات كان مجمل اختراعاته 150 اختراعاً، ثم كان فيما بعد صاحب أكبر شركات السيارات في  العالم وهي سيارات هوندا 

أما توماس ألفا إديسون صاحب الألف اختراع، والذي يعزى إليه التطور المدني الحديث

 بمجمله، كان طالبا فاشلا في المدرسة كما وصفه معلم المرحلة الابتدائية، حتى أنه سلمه لوالدته قائلا لها : ابنك هذا لا يصلح للتعليم، وقامت والدته بنفسها بتعليمه القراءة والكتابة..


وأكمل هو بنفسه التعليم الذاتي، واهتم بالتعليم التجريبي،



 وكان له معمل تجريبي يحمله معه في كل مكان حين كان صغيرا، حين كان يبيع الصحف للإنفاق على نفسه، واستمر في تحدي الظروف والعقبات، والصبر والمثابرة حتى ملأت مخترعاته الدنيا كلها. حيث امتلك إديسون في أمريكا وحدها (  1093 ) براءة اختراع، هذا خلاف براءات الاختراع التي سجلها في فرنسا ألمانيا، وأنشأ إديسون أول محطة كهرباء في العالم في شارع بيريل في مانهاتن، نيويورك، وتسمى محطة بيريل استريت.

وهكذا يلعب العقل الباطن في حياتنا الدور الأكبر، حيث يتحكم في سلوكياتنا، ويوجه أفعالنا ليل نهار عن طريق الأفكار والمعتقدات التي تم تغذيته بها في وقت سابق، ولهذا يجب علينا الانتباه له ومحاولة دفع الأفكار السلبية، والتغلب على ما يمكن أن نسببه نحن من معوقات فنساهم في دفنها في اللاشعور، ثم تأتي تلك المعوقات لتسبب لنا الفشل بدون أن نشعر وفي المقال القادم بإذن الله نوضح  كيف نتغلب على تلك الأفكار السلبية وكيف نسيطر على العقل اللاواعي ونحركه لصالحنا ونتخذه صديقا بدلا من أن يكون عدوا خفيا  










 

الثلاثاء، 25 يونيو 2019

الثقة بالنفس والجاذبية الشخصية

«الثقة بالنفس
والجاذبية الشخصية»

«من يتصرف بدافع الخوف يظل خائفاً
ومن يتصرف بدافع الثقة بالنفس يتطور» روجر فريتس

الشخصية الجذابة
«شخصية لديها ثقة بالنفس»

"لا تأتي الثقة بالنفس من خلال كونك دوماً على حق، بل من خلال كونك غير خائف من أن تكون على خطأ"
بيتر تي مكينتير

من أكبر عوامل جاذبية الشخصية الثقة بالنفس، فكلما كان الشخص يبدو واثقا بنفسه بدا كذلك مقنعا لمن حوله، جاذباً إياهم لشخصه، فالثقة بالنفس ذات تأثير كبير على من حولك.
والثقة التي نقصدها هي ثقة حقيقية تنبع من الشخص ذاته، ومن قوة شخصيته، وليست ثقة مصطنعة أو تكبر مقيت، وهذه الثقة هي أداة من أكبر أدوات النجاح في الحياة، وهي أداة كذلك محفزة للعمل، وهي أداة كذلك تمنح الشخصية ثقل كبير في مجال العمل، وفي مجالات الحياة بصفة عامة.

والثقة بالنفس مكتسبة ومتعلمة، وليست شيئا فطرياً. فيمكن للشخص بناء الثقة بالنفس، كما يمكنه أيضاً هدم تلك الثقة وتحطيمها، كما يفعل ذلك بعض الناس مع أنفسهم نتيجة لظروف معينة.
إن بعض الاعتقادات السائدة – والخاطئة في بعض الأحيان – تكون أحد أهم مصادر زعزعة الثقة بالنفس، أو انعدام وجودها.
لكن الأشخاص الذين لديهم ثقة كبيرة بأنفسهم هم فقط الذين يستطيعون تحطيم تلك الأفكار، وهدم تلك المعتقدات الخاطئة – وذلك عن طريق التصميم والإرادة القوية النابعة من قوة الثقة بالنفس لديهم.

روجر بانستر والثقة بالنفس
كان روجر بانستر الشاب العشريني المولود في لندن عام 1929 في 23 مارس يحلم بتحطيم حاجز الأربع دقائق عدواً في مسافة الميل، حيث كان يعتقد جميع الرياضيين في تلك الأثناء أنه يستحيل أن يحطم أحد العدائين حاجز الأربعة دقائق عدواً في مسافة الميل، لكن روجر لم يكن مقتنعاً بذلك، وكانت لديه قناعة ذاتية بأنه يستطيع أن يعدو مسافة الميل في أقل من أربعة دقائق في حين أن مدربه كان يقول إن ذلك مستحيلاً.

لكن الإرادة والثقة بالنفس القوية، والحلم بتحقيق الهدف الذي كان لدى روجر جعله يتدرب على تحطيم هذا الرقم القياسي، ويحلم فعلاً بتخطي هذا الحاجز الزمني.
وفي يوم 6 من شهر مايو من عام 1954 استطاع فعلاً روجر بانستر من كسر هذا الحاجز الزمني، واستطاع اجتياز مسافة الميل في أقل من أربع دقائق فقد استغرق في ذلك 3 دقائق، 59 ثانية، و4 أجزاء من المائة، وبذلك يعد روجر هو أول من حطم هذا الرقم القياسي واجتاز الميل في أقل من أربعة دقائق..

وقد أعطى روجر لمن بعده الثقة في أنفسهم وفي أنهم يستطيعون اجتياز تلك المسافة في اقل من أربع دقائق، وفي حين أن أحداً لم يستطع اجتياز هذا الحاجز الزمني قبل عام 1954 إلا أنه وبعد أن فعل ذلك روجر، استطاع بعد هذا التاريخ وإلى الآن أكثر من 20 ألف شخص بلوغ هذا الهدف.

 كان أحدهم العداء المغربي (هشام الكروج) والذي استطاع عدو مسافة الميل في 3 دقائق و43 ثانية، 13 جزء من المائة.

كل هذا كان منبعه الثقة بالنفس، وبتحقيق الحلم وحينما سأل روجر بانستر عن كيفية تحطيم هذا الرقم واجتياز هذا الحاجز الزمني لأول مرة، في حين كان يعتقد الجميع أنه من المستحيل اجتيازه.

رد عليهم بالقول: «إنني كنت أحلم باجتياز هذا الحاجز الزمني، وكنت أتدرب وأمامي هذا الحلم، وحلمت أكثر من مرة باختيازه».
إن الثقة بالنفس حقاً تولد النجاح، كما أن لها القدرة على تحقيق ما يعتبره الآخرون مستحيلاً.

ولكن ماذا تعني الثقة بالنفس؟!
إن الثقة بالنفس تعني الاقتناع والتأكد واليقين من القدرة على تحقيق الأهداف، والصبر والمثابرة والجد والاجتهاد في هذا السبيل، سبيل تحقيق الأهداف، والسعي نحو الأحلام التي يحلم بها الشخص.

ولا يعني هذا الأمر عدم الوقوع في الأخطاء، أو اقتراف بعض الذنوب، كلا، لكنها تعني التعلم من تلك الأخطاء، وعدم جعل تلك الأخطاء حجر عثرة في طريق تحقيق الأهداف، أو جعل تلك الأخطاء أحد أسباب الإخفاق أو معوق من معوقات العمل، بل إن الإخفاقات التي يمنى بها الشخص تعتبر من أهم الدوافع نحو النجاح واستكمال مسيرة الحياة..

لماذا؟ لأنها تعلمه ما لم يكن يتعلمه أبداً بدونها، لهذا قالوا «أن النجاح يولد من رحم الفشل».

ولذلك يقول ونستون تشرشل:
«النجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل.. دون أن نفقد الأمل».
ويقول جون تشارلز:
«لا يصل الناس إلى حديقة النجاح دون أن يمروا بمحطات التعب والفشل واليأس، لكن صاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في مثل هذه المحطات».

يجب أن تجعل محطات الفشل في حياتك وسيلة جيدة للتعرف على الأخطاء التي وقعت فيها، وهذه هي الفائدة الحقيقية لتلك المحطات.
يقول بيل جيتس: «من الجيد الاحتفال بالنجاح، لكن أهم من ذلك استخلاص العبر والدروس من الفشل».

بل إن الفشل يكاد يكون ضرورة لكل شخص يسعى في حياته لتحقيق أهدافه، فلا يمكنه النجاح طوال الوقت وفي كل شيء، بل إنه لاشك يقابله الفشل في بعض الأمور الصغيرة أو الكبيرة.

أو في بعض المجالات والتي قد لا تكون في صميم عمله، لكن عليه أن يدرك أن هذه الإخفاقات قد أصابته بالفعل لأنه شخص ناجح ولديه أهداف يسعى لتحقيقها.
يقول نيتشه: «هناك شخص واحد لم يذق طعم الفشل، في حياته قط، إنه الرجل الذي يعيش حياته بلا هدف!».
فلا يفقد أبداً الشخص الثقة بالنفس نتيجة لفشل ما أو لإخفاقات قد قابلته في حياته، بل عليه أن يتعلم منها الدروس والعبر.


من
مزايا الثقة بالنفس
(1)    تحقيق الأهداف:
الشخص الواثق من نفسه لديه مقدرة أعلى بكثير من غيره على تحقيق أهدافه، والوصول إلى أحلامه وآماله وتطلعاته، حيث تدفعه الثقة بالنفس إلى الجد والعمل والصبر والمثابرة، والشجاعة والإقدام.
ويلاحظ هذا بصورة قوية في الفرق الرياضية، فترى الفريق الرياضي الواثق من نفسه يسدد الرميات الموجعة للفريق الآخر، وينطلق بثقة وثبات نحو تحقيق الفوز.
بينما الفريق الآخر، تجده عادة ما يتخذ موقف المدافع وليس المهاجم، وتكون كل طموحاته وقف فوز الفريق الآخر، أو تحقيق التعادل.
وهناك فرق كبير بين فريقين أحدهما يسعى نحو الفوز بثقة عالية في النفس وفي القدرات، وفريق آخر كل هدفه صد هجمات الفريق الآخر، ومحاولة عرقلة تقدمه نحو تحقيق أهدافه، وكل آمال هذا الفريق المدافع الخروج الآمن من المباراة، بعدم فوز الفريق الآخر!!
(2) التفاؤل:
عادة ما يأتي التفاؤل كثمرة عظيمة من ثمار الثقة بالنفس، فالشخص الواثق بنفسه هو شخص إيجابي متفائل، دائم الثقة بالله، لا يلعن الظروف ولا يشتكي القدر.
إنما هو ينظر إلى الخير أمامه، فيراه رأي العين، حتى وإن كان ما يبدو أمام الناس غير ذلك، إذ أنه يعرف أن وراء الأحداث الجسام مفرجات ونجاحات عظيمة.

قال الله تعالى: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا )5( إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا )6"(
سورة الشرح:5-6
فالعسر يأتي ومعه اليسر، وساعات الفجر التي هي أشد ساعات الليل ظلمة تأتي بعدها ساعات الشروق، التي تنير الدنيا كلها بضوء الشمس المبهج الذي يخطف العيون والأبصار.
إنه شخص يرى الخير في باطن الأمور، وينظر للنصف المملوء من الكوب وليس للنصف الفارغ، ولا يلبس نظارة سوداء ليرى كل شيء أسوداً... كلا إنه يوقد الشموع بدلاً من أن يجلس يلعن الظلام.

يقول فوليتار:
«لا تبك إذا ذهب ضوء الشمس، فدموعك ستحجب عنك رؤية النجوم».

(3) بذل المزيد من الجهد:
ترى دوماً الشخص الواثق من نفسه ومن قدراته يبذل المزيد من الجهد لتحقيق الأهداف التي يسعى إليها، بينما الشخص الآخر، الذي لا يثق بنفسه، أو الأقل ثقة هو أقل بذلاً للجهد!!
انظر في المباريات الرياضية على سبيل المثال، سترى الفريق الذي يبذل جهدًا أعلى ويكون أقرب إلى الفوز أو يفوز فعلاً هو الفريق الأعلى ثقة بالنفس.
إن الثقة بالنفس تدفع الشخص فعلاً لبذل المزيد من الجهد حيث تملأ حياته بالنجاح والتفاؤل وهذا يدفعه لبذل المزيد من الجهد حتى يحقق النجاح بالفعل.
يقول أغطس هير: «الناجحون يقدرون على النجاح لأنهم يعتقدون أنهم يقدرون».
ويقول هنري ابسن: «الشخص الواثق بنفسه يقول: يبدو الأمر صعباً لكنه ممكن.. أما الشخص غير الواثق بنفسه يردد: الأمر ممكن لكنه يبدو صعباً».
ويقول روجر فريتس: «الشخص الواثق بنفسه له ضحكة تختلف عن الآخرين.. حتى تنفسه وحركاته لهما شكل يختلف عن الآخرين».

(4) التركيز وهدوء الأعصاب:
حيث يبدو من يثق بنفسه هادئاً وقوراً، ولا تبدو عليه علامات التوتر والقلق أو العصبية، فيتكلم كلام المنتصر، ويخطو خطوات ثابتة بسكينة ووقار.
أما غير الواثق بنفسه تجده عادة متوتراً، لديه انفعالات سلبية غالباً، ليس على قدر عال من هدوء الأعصاب، وليس لديه قدرة عالية على الاسترخاء.
والثقة عادة ما تبعث في نفس صاحبها الهدوء والتركيز ولهذا يستطيع حل الأمور بروية وبسرعة كذلك. أما عدم التركيز فيعمل على التشتت، وعدم القدرة على اتخاذ القرار، والجلوس وقت أطول في حل المشكلات.

وليس الواثق بنفسه لديه ثقة عمياء أو مبالغ فيها، بل هو على معرفة حقه بقدراته، وإمكاناته، وإن كان يسعى لتطويرها، ولتحقيق أقصى طموحاتها.
إلا أنه في ذات الوقت لا يفقد أعصابه عند العجز عن تحقيق بعض ما يرنو إليه.

يقول فرانسيسكو أسيس:
«منحني الله الشجاعة للإقبال على تغيير الأشياء، لذا أقوم بتغييرها، ومنحني الهدوء لأتقبل ما أعجز عن تغييره، كما منحني الحكمة لمعرفة الفرق بين الأمرين»
وللحديث بقية.




القيادة التربوية

 القيادة التربوية

بسم الله الرحمن الرحيم
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)
سورة آل عمران الآية: (159)
مقدمة
لا شك أن المؤسسات التعليمية والتربوية ذات الرؤية الواضحة تعمل على نهضه الأمة وتحقيق آمالها وطموحاتها، وبقدر ما تتقدم وتتطور المؤسسات التعليمية والتربوية في أي بلد من البلدان بقدر ما يكون تطور هذا البلد وتقدمه وازدهاره ورفعة شأنه بين الأمم.
ولا شك أيضا أن القيادة التربوية الفاعلة تعد الركيزة الأساسية لأي مؤسسة تربوية، ولا يمكن أن تنجح أي مؤسسة بدون قائد ناجح.
كما تمثل القيادة التربوية أيضاً أهمية كبرى في نجاح الإدارة التعليمية . بيد أن القيادة نفسها عملية نسبية، وذلك أن الفرد قد يكون قائدا في موقف وتابعا في موقف آخر. ومن هنا يرتبط مفهوم القيادة بمفهوم الدور الوظيفي والمسئولية ارتباطا وثيقا ، وبنمط الشخصية والمهارات الإدارية والفنية اللازمة لرجل الإدارة التعليمية

ولنجاح أي قيادة لابد لها من برامج تأهيلية ناجحة أيضاً، إذ يعد التدريب والتأهيل أثناء الخدمة من ضرورات العمل التي لا غنى عنها في هذا العصر المتطور بشكل مذهل.  
.
تعريفات القيادة
و تعرف القيادة بأنها فن معاملة الناس، والتأثير في سلوكهم من أجل توجيههم لهدف معين، بطريقة تضمن ثقتهم واحترامهم وتعاونهم في سبيل تحقيق الهدف المرجو.
، و القائد هو الذي يمارس هذا الفن متمثلاً في القدرة على التوجيه والتنسيق والرقابة والتحفيز بالنسبة لعدد من الناس الذين يعملون لتحقيق الأهداف المطلوبة وفي القدرة على استخدام السلطة الرسمية عند الاقتضاء أو الضرورة ، وفي القدرة على التأثير والاستمالة في مواقف أخرى
عرفها (روبرت ليفنجسون) : بأنها الوصول إلى الهدف بأحسن الوسائل وبأقل التكاليف وفي حدود الموارد والتسهيلات المتاحة مع حسن استخدام الموارد والتسهيلات
وعرفها (أوردي تيد ) : بأنها نشاط التأثير في الآخرين ليتعاونوا على تحقيق هدف ما ، اتفقوا على أنه مرغوب فيه
وتعرف القيادة : أنها استمالة أفراد الجماعة للتعاون على تحقيق هدف مشترك يتفقون عليه مع القائد ، وينتفعون بأهميته ، فيتفاعلون معاً بطريقة تضمن تماسك الجماعة في علاقاتها ، وسيرها في الاتجاهات     ” الذي يحافظ  على تكامل عملها ” . وتعرف أيضاً ، ” بأنها العملية التي يتمكن من خلالها القائد أن يؤثر في تفكير الآخرين ، ويضبط مشاعرهم ويوجه سلوكهم ” . وهي أيضاً ، ” السلوك الذي يقوم به الفرد حيث يوجه نشاط الجماعة نحو هدف مشترك.


الفرق بين القيادة والادارة

يخلط الكثيرون بين مصطلحي القيادة والإدارة ويعتبرونهما وجهان لعملة واحدة. لكن المصطلحين مختلفان تماماً في الحقيقة. فالقائد يمكن أن يكون مديراً أيضاً ولكن ليس كل مدير يصلح قائداً.
فما هو الفرق بين القيادة والإدارة؟
القيادة: تركز القيادة على العلاقات الإنسانية وتهتم بالمستقبل . وتهتم القيادة بالرؤية والتوجهات الإستراتيجية وتمارس أسلوب القدوة والتدريب.

الإدارة: تركز الإدارة على الإنجاز والأداء في الوقت الحاضر. ومن هنا فهي تركز على المعايير وحل المشكلات وإتقان الأداء والاهتمام باللوائح والنظم واستعمال السلطة. كما تهتم بالنتائج الآنية مثل كم ربحنا، وكم بعنا، وما إلى ذلك؟

والحقيقة أن كلا الأمرين مهم. فالقيادة بدون إدارة تجعلنا نعيش في عالم التخطيط للمستقبل، مع إهمال الإنجاز الفوري الذي نحتاج إليه كي نصل لأهدافنا المستقبلية. والإدارة وحدها تجعلنا لا نرى سوى مشاكلنا اليومية التي تستغرقنا فلا يتاح لنا الوقت للتفكير والتخطيط للغد. إنها تجعلنا نبتعد عن الأهداف البعيدة والصورة الكلية وربطها بالقيم والمبادئ. وقد ننسى في فورة اهتمامنا الطاغي بالإنتاج والإتقان والجودة أننا نتعامل مع بشر لهم أحاسيسهم وحقوقهم واحتياجاتهم.

نحن نعلم أن الإنسان يمكن أن يتعلم علم الإدارة. فهو يدرس في الجامعات والمعاهد وهناك العديد من المتخصصين الذين يقدمون الدورات المتميزة فيه. ولكن هل يمكن تعلم فن القيادة؟ حيّر هذا السؤال العالم، واختلف فيه الباحثون والدارسون، فمنهم من يرى أنها موهبة فطرية تولد مع الشخص. ومن هؤلاء "وارين بينيس" الذي يقول:
إنك لا تستطيع تعلم القيادة، القيادة شخصية وحكمة وهما شيئان لا يمكنك تعليمهما. ومنهم من يرى أنها كأي مهارة أخرى يمكن أن تكتسب. فيقول "بيتر دركر": يجب أن تتعلم القيادة، وباستطاعتك أن تتعلمها.

إننا نعتقد أن القيادة تنقسم إلى جزأين، جزء يمكن تعلمه وإتقانه وجزء يجب أن يكون موجوداً بالفطرة في الشخص، وبدون هذين الجزأين لا يمكن أن تكتمل شخصية القائد ونجاحه كقائد.

أما الجزء الذي يمكن تعلمه فهو ما يتعلق بمهارات التواصل والتخاطب، والنظريات الاستراتيجية والأساليب القيادية المختلفة. وكلها أمور يمكن تعلمها في المعاهد والمراكز والجامعات في دورات تطول أو تقصر.

لكن الجزء الذي لا يعلم ولا يمكن اكتسابه بشكل مصطنع هو المتعلق بالمشاعر والعاطفة وسرعة البديهة والاهتمام بمن حولك. وهي صفات تصنع القائد وتحبب الناس فيه فيسهل عليهم اتباعه وهكذا فإن من لديه هذه الصفات يستطيع أن يتعلم المهارات الأخرى عبر التدريب والتعليم والتوجيه وصقل المهارات.

وبصفة عامة فإن القيادة تتعلق بشخصية الإنسان ككل. وهي بروز الشخصية القيادية الحقيقية، وهذا أمر يحتاج إلى الكثير من الوقت والصبر، إذ أن الشخصية القيادية لا يمكن أن توجد وتدرب وتصقل وتكتسب الخبرة اللازمة للقيادة في يوم وليلة، بل هي عملية تأخذ سنوات من العمر.
القيادة
الادارة
 تهتم بالمستقبل ( الرؤية )

 تركز على الإنجاز والأداء في الوقت الحاضر.
. تهتم بالتوجهات الإستراتيجية
تركز على المعايير الكمية غالباً .
تمارس أسلوب القدوة .
         تركز على الأداء .
         تهتم بالتدريب
تهتم باللوائح والنظم .
العمل مع المرؤوسين بروح الفريق .
استعمال السلطة، و ضعف الاهتمام بالمرؤوسين .
تركز على العلاقات الإنسانية .

 تركز على الحساب والمسائلة
مراعاة المرؤوسين ومتطلباتهم ، وظروفهم الشخصية .

تركز على الإنجاز والأداء في الوقت الحاضر.
يواجه المخاطر
يتجنب المخاطر
يلهم الآخرين على إتباعه
يطالب الآخرين بالالتزام
يأخذ زمام المبادرة للقيادة
يعطيه الآخرون منصباً


عناصر القيادة
ويمكن أن نستخلص من مجمل التعريفات السابقة العناصر التالية للقيادة:
1.    إنها عملية تفاعل اجتماعي ، إذ لا يمكن لأي إنسان أن يكون قائداً بمفرده ، و إنما يستطيع أن يمارس القيادة من خلال مشاركته الفعالة في جماعة ما ضمن إطار موقف معين .
2.    تتم فيها ممارسة سلطات واتخاذ قرارات .
3.    تتطلب صفات شخصية معينة في القائد
4.    تهدف إلى تحقيق أهداف معينة.
5.    لها تأثير في مجموعات منظمة من الناس .
6.    إنها عملية تفجير لطاقات الأفراد للبلوغ إلى الأهداف المشتركة .

أركان القيادة
تعتمد عملية القيادة على الأركان التالية :
1.    جماعة من الناس لها هدف مشترك تسعى لتحقيقه وهم الأتباع .
2.    شخص يوجه هذه الجماعة ويتعاون معها لتحقيق هذا الهدف
وهو القائد سواء كان هذا الشخص مختاراً من قبل الجماعة ، أو معيناً من قبل سلطة خارجية مع تمتع هذا القائد بسمات مثل الذكاء ، الاتزان العاطفي والانفعالي ، الخبرة بالعمل ، التعاون ومحبة الآخرين .
3.    ظروف وملابسات يتفاعل فيها الأفراد وتتم بوجود القائد (الموقف) مثل حجم الجماعة ، تجانس الجماعة ، استقرار الجماعة واستقلالها ووعيها .
4.    اتخاذ القرارات اللازمة للوصول للهدف بأقل جهد وتكاليف ممكنة .
5.    مهام ومسؤوليات يقوم بها أفراد الجماعة من أجل تحقيق أهدافهم المشتركة

المهارات اللازمة للقائد التربوي :
يختلف القادة عن بعضهم البعض تبعاً للمهارات القيادية التي يمتلكونها أو يكتسبونها ، وغالباً ما تصنف هذه المهارات على ثلاث هي:
   المهارة التصويرية
هي مهارة يحتاجها القائد التربوي في التخطيط للعمل ، بحيث تمثل الخطة استشراقاً للمستقبل ، فالخطة تقوم على دراسة الواقع والإمكانات المتوافرة فيه والاستبصار في جوانبه وفي اتجاهات تغيره ، ويتوقع من القائد التربوي أن لا يكون حالماً في خططه كما لا ينتظر منه أن يكون يائساً من إمكانات التطور ويكون لديه الجرأة ، وتنظيم أعمال التابعين له كما القائد الذي يمتلك هذه المهارة يكون قادراً على الإحساس بالمشكلات قبل وقوعها والحلول لها ، ويجب عند التخطيط لشيء ما أن يحقق القائد الانسجام والتوافق لإرضاء كافة الأذواق .
المهارة الفنية
هي مهارة تتعلق بالجانب التنفيذي ، وغالباً ما تعكس المعرفة والخبرة ، معرفة بالأصول والقواعد والطرائق وخبرة عملية في استخدام هذه الطرائق ومتطلبات وترتيبات الانتفاع بها على أحسن وجه .
وهي مهارة يكتسبها المسؤول بالممارسة الواعية الهادفة إلى تنمية القدرة الذاتية أو بالمشاركة في ورشات العمل التي تعقدها الإدارات للقادة لتدريبهم على تطوير أداء المهمات .
ومثال ذلك مدير المدرسة الذي لديه المهارة يكون خبيراً في إعداد برامج المدرسة ، وأنصبته المعلمين وفي حفظ السجلات وكتابة التقارير والعمل كمشرف تربوي مقيم ، وأيضاً خبيراً في تنظيم الاجتماعات وإدارة الحوار وإجراء الاتصالات .
وللحديث بقية

أدب الحوار والفرق بين الحوار والجدل والمناظرة

الحوار والجدل والمناظرة
مفاهيم مختلفة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعدفإنه مما لا شك فيه أن العالم سيصبح أفضل لو أن الحوار حل محل الجدل والمكابرة، وإذا حل النقاش الهادء محل محل القتال والمناورة، وأن الحوار الهادىء كفيل بحل كثير من الخلافات بين الأشخاص، بل وبين الدول والأنظمة، والمطالع الجيد للتاريخ يعرف حق المعرفة فؤائد الحوار، وكيف أنه وقف حجر عثرة أمام حروب كادت أن تدمر العالم، وعمل على ايقاف وتعطيل آلاتها، ولولا العقلاء والمؤمنون بالحوار لقلنا على الدنيا السلام، إذا تعالوا معا نتعرف على الحوار ومفاهيم مختلفة متعلقة به، ونناقش فؤائده ومميزاته. ما هو الحــوار:
الحوار فى اللغة: الرجوع عن الشيء وإلى الشيء.. والمحاورة: المجادلة، والتحاور: التجاوب.. قال: وهم يتحاورون أى يتراجعون الكلام، والمحاورة مراجعة المنطق والكلام فى المخاطبة. والمحورة من المحاورة مصدر، كالمشورة من المشاورة"([1]).وقال الراغب فى مفردات القرآن: (والمحاورة والحوار المرادة فى الكلام ومنه التحاور. قال تعالى: {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا}([2]).والحوار كلمة عامة تستوعب أنواع التخاطب جميعًا، والحوار يكون بين أطراف ترغب فى التفاهم والتخاطب والتجادل.وقد ورد لحفظ الحوار فى كتاب الله تعالى فى أكثر من موضع فى سورة الكهف فى قوله تعالى: {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا}([3]).وقال تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا}([4]).سميت سورة كاملة باسم (المجادلة) وهى نوع من الحوار، وذكر فيها لفظ الحوار أيضًا. هذا فضلاً عن عشرات المواضع للمحاورة فى الكتاب العزيز بدون ذكر لفظ الحوار سنتعرض لبعض منها لاحقًا إن شاء الله تعالى.·              مفاهيم ترتبط بالحـوار والفرق بينهما:
هناك مصطلحات تتفق فى جانب من مفاهيمها ومعانيها مع مصطلح الحوار، ومنها: الجدل والمناظرة والمحاجة والمكابرة، ولابد من الوقوف مع تلك المصطلحات التى لها علاقة وثيقة بالحوار لبيان أوجه الاتفاق والاختلاف بينها وبين الحوار:  ·              الجــدل: الجدل فى اللغة: هو اللدد فى الخصومة والقدرة عليها.أما فى الاصطلاح: فهو دفع المرء خصمه عن إفساد قوله بحجة أو شبهة أو يقصد به تصحيح كلامه، وهو الخصومة فى الحقيقة.·              المناظرة: المناظرة فى اللغة: مشتقة من النظر، والنظر: تأمل الشيء بالعين، والتناظر التقابل، والنظير: المثل.
أما فى الاصطلاح: فهى المحاورة فى الكلام بين فريقين مختلفين يقصد كل منهما تصحيح قوله، وإبطال قول الآخر، مع رغبة كل منهما فى ظهور الحق.
·              المحاجة والمكابرة:
المحاجة فى اللغة: هى التخاصم، أما فى الاصطلاح: فهى دفع الخصم وردّه، لا لبيان الحق، وهى بهذا تتفق مع المكابرة التى عرفها الجرحانى بقوله: "هى المنازعة فى المسألة العلمية لا لإظهار الصواب، بل لإلزام الخصم، وقيل هى مدافعة الحق، ومما سبق يتضح علاقة الحوار مع هذه المصطلحات إذ كلها تشترك معه فى أنها مراجعة فى الكلام، ومداولة بين طرفين، فهى تدخل فى معنى الحوار من هذه الجهة، ثم تفترق فى بعض دلالاتها، ومقتضياتها، وقد ذهب المعجم الفلسفى فى تحليل لفظ الحوار Dialogue إلى أن: حاوره محاورة وحوار: جادله، والمحاورة: المجاوبة أو مراجعة النطق والكلام فى المخاطبة والتحاور، والتجاوب، لذلك كان لابد فى الحوار من وجود متكلم ومخاطب. ولابد فيه كذلك من تبادل الكلام ومراجعته، وغاية الحوار توليد الأفكار الجديدة فى ذهن المتكلم لا الاقتصار على عرض الأفكار القديمة، وفى هذا التجاوب توضيح للمعانى، وإغناء للمفاهيم يفضيان إلى تقدم الفكر"([5]).
ومما تقدم نرى أن الحوار له هدف ومضمون يختلف عن غيره من المفاهيم القريبة منه. كالجدل والمناظرة وغيرها، فالحوار يجب ألا يحتوى على الخصومة بين الطرفين، ولا أن يؤدى إليها، حتى وإن اختلف الطرفان، وطبيعى أن يختلفا، لكن (الخلاف لا يفسد للود قضية) كما يقال، وكما يجب أن يكون، بخلاف من يتحاور ويتعصب لرأيه مخاصمًا من يحاوره، ممتدًا عليه النقاش، مغلقًا عقله عما يقول صاحبه، محاولاً الانتصار عليه، وليس محاولاً إظهار الحق، أو الوصول إليه.أما الجدال والمخاصمة واللدد والمكابرة، فكل ذلك منهى عنه، إلا أن يكون جدالاً بالتى هى أحسن، وهى المحاورة.قال تعالى: { وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }([6]).
ويفسّر محمد حسن العيد الجدل من الناحية السيكولوجية فيقول: "المعرفة الجدلية: هى محصلة تناقض ردود أفعال النفس فى الأفكار تجاه المتغيرات من البيئة مع ثوابت العقل التكوينى فى الإنسان.. وتبرز بشكل شكوك وتساؤلات عن أصل الفكرة السابقة فى موضوع ما باتجاه حل جديد، وبذلك تكون الأفكار التى كانت حلاً سابقًا لقضية ما هى الآن مشكلة لقضية جديدة فى الجدل.ويتجسد الجدل فى معرفة الفرد فى مساحة واسعة جدًا من حياته خصوصًا فى سنى طفولته الأولى، ثم تنحسر مع تقدمه فى العمر حتى تتلاشى فى الذين تنحصر همومهم فى هموم الشيخوخة دون العلم.أما إذا كان المرء من المترفين، فإن نفسه تتجاوز الجدل الذى يمثل حالة عدم استقرار فيها لتنغمس فى ما أترفت فيه كرد فعل يهرب به المترف من نفسه، ومن عقله التكوينى، لذا يصفه المولى جلّ شأنه بالذين يختانون أنفسهم، قال تعالى: { وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ }([7]). وقال سبحانه فى نكران المترفين لثوابت المعرفة: { وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ }([8]).
أما فى المعرفة الإنسانية فإن الجدل يمثل معظم حجمها الكبير. والمتمثل فى هذا الحشد الهائل من العقائد، وتضادها، وفى تطور الأفكار وتعارضها وفى كل التساؤلات التى تثار حول جزئيات الحقائق والقوانين المعروفة فالجدل هو الواسطة لتكامل الحقائق، ونقل الأفكار إلى أحكام عقلية.ولذا ففى الجدل مسلكان للنفس لتحقيق استقرارها لذاتها بالعلم:( أ ) مسلك الهروب:من ذاتها الكذب والكفر بالثوابت الكونية وثوابت تكونها العقلى البديهى، وفى ذلك قال الله تعالى: {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} الكهف، 56 {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى ولاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ} الحج، الآية: 8، {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا} غافر، الآية (4)، {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ} غافر، الآية: 56.هذا هو المسلك الأول للجدل فى المعرفة، وهو مسلك مقطوع مجذوذ لا يحقق من المعرفة شيئًا، بل هو معنى لمخالفة تكوين الإنسان العقلى.والمسلك الثانى للجدل، الموافق لتوجهات العقل التكوينى وهو الحوار.(ب) الحـوار:وفيه ميزتان للحسن فى الجدل هما، الأولى أنه ينطلق من حقيقة، والثانية أنه يهدف إلى حقيقة أشمل وأثبت.وقد وردت لفظتا الجدال والحوار فى آية واحدة لبيان هذين الميزتين، قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} المجادلة، الآية 1أما المرأة فإنها ترفع قضيتها إلى الرسول "صلى الله عليه وسلم" وهى تشتكى، تبدأ بقضية فيها حق وتريد حقًا من الله سبحانه وتعالى، والطرف الثانى فى الجدال هو رسول الحق، فتحولت الشكوى من الجدال إلى الحوار بميزتين ومثل جدال إبراهيم للملائكة الذين أبلغوه بأنهم أتوا بالعذاب لقوم لوط، إنه تناقض وجدال، العذاب حق، ولوط لا يستحق ما يستحق قومه.. وكان يظن أنه لوطًا مع قومه. ولذا قال لهم: {إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا} العنكبوت الآية 35فالجدال مسلك فطرى للمعرفة فى كل نفس، إلا أن أمر الله تعالى ممضى حسن، فهو الحق والرحمة والعدل.. فلا يصح معه الجدال.ويقع هذا المسلك صحيحًا صادقًا عندما يبرز بتساؤلات وتحريات عن حقائق فى موضوع ما، انطلاقًا من وقائع وحقائق فى اليد من ذات الموضوع.. أو انطلاقًا من ثوابت المعرفة فى التكوين الأساسى للنفس، والتى أسميناها بالعقل التكوينى.فإذا حصلت النفس على إجابات صادقة لتساؤلاتها، أو تحقق لها وجود وقائع ثابتة من تحرياتها فى الحوار تهيأت للحسم فى بيان حقيقة جديدة أو فكرة لحقيقة جديدة تبرز فى حكم عقلى جديد([9]).إذًا فالجدال الموصل للحق، والذى يقتنع صاحبه بالحق، الذى هو أصلاً يسعى إليه ليهتدى من الحيرة التى يقع فيها، نتيجة لبس أو غموض أو شكوك أو نحو ذلك، هذا الجدال بهذه الصورة هو بلا شك محمود غير مذموم ويمكن اعتباره نوعًا من الحوار، بل هو كذلك."مع من يكون الحـوار؟!"بالطبع سيكون الحوار مع الآخر، وهذا الآخر بالتأكيد سيكون بيننا وبينه نقاط خلاف، تكون مجالاً للتحاور. والإسلام – هذا الدين العظيم – يعتبر بالآخر، ويعترف كذلك بالاختلاف، اختلاف بنى البشر جميعًا، وأنهم لا يمكن أن يصير لهم رأى واحد وأن الله تعالى خلقهم مختلفين.قال الله تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} سورة هود، الآيتان 118-119.إن الاختلاف يثرى المجتمع الإنسانى، فكما أن اختلاف الأشكال والألوان والألسنة آية من آيات الله تعالى، فكذلك اختلاف الأفهام والعقول، وهو دليل إعجاز، إذ أن القضية الواحدة، يفهمها عدد من الناس بطرق مختلفة، ويستنتج كل واحد منها أشياء وأشياء حسب فهمه لها. أليس فى ذلك إثراء للمعرفة الإنسانية البشرية؟!والإسلام – هذا الدين العظيم – يعترف بالآخر، سواء كان هذا الآخر مسلمًا مخالفًا فى الرأى، أو كان كافرًا. ولهذا كان الأمر بمجادلة أهل الكتاب بالتى هى أحسن، كما أشرنا آنفًا.ومما يؤثر عن الفقهاء فى مجال الاختلاف قول أحدهم "رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب".والمجتهد فى الإسلام – الذى بلغ درجة الاجتهاد – له أجران إن هو أصاب، وهما أجر للاجتهاد، واجر للإصابة، وإن أخطأ فله أجر واحد، وهو أجر الاجتهاد.يعنى أن خطأ المجتهد – الذى بلغ درجة الاجتهاد – لا يأثم عليه. بل يؤجر عليه، وهذا من عظمة هذا الدين، الذى أطلق للعقل العنان للتفكر والتدبر والوعى والإدراك، ولم يجعله عقلاً منغلقًا، مقوقعًا على نفسه.وقد تجاور فقهاؤنا الأجلاء مع بعضهم البعض، ومع الآخر الملحد، وألقنوه الحجة.وفى تاريخنا الفقهى مدارس متعددة، وحوارات لا يتسع لذكرها المقام بين أرباب هذه المدارس، وطالما أن القلم واللسان هو الأداة المستخدمة فلا مانع من الحوار مع أى طرف مهما كان."فــوائـــد الحـوار؟!"بالإضافة إلى ما ذكرنا من أن الحوار يثرى العقل الإنسانى، لما يقدمه من مفاهيم مختلفة، ومتنوعة، ومتعددة كذلك، فإن للحوار أيضًا آثار نفسية جيدة، يذكرها صالح عبد الله حميد فيقول: "للحار فى لغتنا وتراثنا معان رفيعة القدر، سامية الدرجة تكسوها مسحة حضارية راقية، فتكسها دلالة عميقة تعبر عن روح الأمة. فالأصل فى الحوار هو المراجعة فى الكلام، بما يوحي إلى ما ينبغى من رحابة الصدر، وسماحة النفس، ورجاحة العقل، وبما يتطلبه من ثقة، ويقين، وثبات.وبما يرمز إليه من القدرة على التكيف، والتجاوب، والتفاعل، والتعامل المتحضر الراقي مع الأفكار، والآراء جميعًا.وارتباط الحوار بمعنى الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، يثبت فى الضمير الإنسانى فضيلة الاعتراف بالخطأ، ويركز على قيمة عظمى من قيم الحياة الإنسانية، وهى القبول بمبدأ المراجعة.بالمفهوم الحضارى الواسع الذى تجاوز الرجوع عن الخطأ، إلى مراجعة الموقف برمته، إذا اقتضت لوازم الحقيقة وشروطها هذه المراجعة، واستدعى الأمر إعادة النظر فى المسألة المطروحة للحوار على أى نحو من الأنحاء، وصولاً على جلاء الحق.فالحوار قيمة من قيم الحضارة الإسلامية، المستندة أساسًا إلى مبادئ الدين الحنيف وتعاليمه السمحة، وهو موقف فكرى وحالة وجدانية، وهو تعبير عن أبرز سمات الشخصية الإسلامية السوية، وهو سمة التسامح، لا بمعنى التخاذل والضعف بوازع من الهزيمة النفسية، ولكن بمعنى الترفع عن الصغائر، والتسامى عن الضغائن، والتجافي عن الهوى والباطل"([10]).إذًا فالحوار، وثقافة الحوار تورث المجتمع عددًا من القيم المهمة فى حياة المسلم. والتى لا غنى عنها، فالسماحة، والاعتراف بالخطأ والرجوع عنه، والتكيف والتفاعل مع الآخرين، كل ذلك من القيم المهمة فى حياة المسلم، خصوصًا وأن المسلم يكون مضطرًا فى كثير من الأحيان إلى التعامل مع الآخر، خصوصًا الآخر المسلم، وقد يرى بعض الناس أن اجتناب الناس أفضل من معاشرتهم، والاختلاف معهم، أو الحوار معهم، أو مجادلتهم بالتى هى أحسن، فيؤثر الابتعاد مطلقًا، أو العزلة النهائية عن الخلق، وهذا ليس سلوكًا سليمًا للمسلم، فالعزلة وإن كانت مطلوبة بصفة مؤقتة لمعالجة النفس، والخلوة معها، ومع الحق تبارك وتعالى. إلا أن العزلة الدائمة ليست سلوكًا إسلاميًا. المسلمون أمة واحدة.وقد دعاهم الإسلام الحنيف إلى الاجتماع كل يوم خمس مرات فى المسجد ليلتقون ويتعارفون ويتآلفون، ويتحاورون، ولهذا قال "صلى الله عليه وسلم" "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ولا تحابوا حتى تعارفوا"وفى راوية "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ افشوا السلام بينكم" الحديث رواه مسلم. 
([1]) "لسان العرب 3/383" لابن منظور.
([2]) "مفردات القرآن (135)"
([3]) سورة الكهف، الآية: 34.
([4]) سورة الكهف، الآية: 37.
([5]) حمود الهتار (جريدة 26 سبتمبر العدد 1160 فى 4/11/2004).
([6]) سورة النحل، الآية (125).
([7]) سورة النساء، الآية (107).
([8]) سورة المؤمنون، الآية (33).
([9]) محمد محسن العيد (الحوار والمعرفة رسالة (إنسانية) – مجلة النبأ – العدد 48/2000م.
([10]


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More