Featured Video

الأحد، 20 مارس 2016

القيادة والكاريزما

القيادة والكاريزما


بقلم: عادل فتحي عبدالله
 
يعتقد البعض أن القائد لابد وأن يتمتع بشخصية كارزمية، هذه الشخصية لها صفات معينة لا تتوفر في غيرها من الناس!
وبمعنى آخر فإن إحدى مدارس تفسير القيادة، وإحدى نظريات القيادة تقول بنظرية القائد العظيم أو الرجل العظيم The Great Man theory وهي تعني أن الله تعالى قد ميز بعض الأفراد، وخصهم بخصائص معينة دون غيرهم، وأن هؤلاء الأفراد قد ولدوا ليصبحوا قادة!

وبعيدًا عن التحيز والتعصب لأي نظرية على غيرها، فإن مجرد النظر في أمور الحياة نجد أنه على مر العصور والأزمان شهد تاريخ العالم وجود مثل هذه الشخصية.
تلك الشخصية التي حيرت العالم، والتي استطاعت بذكاء وفطنة وشجاعة نادرة أن تجتذب إليها أنظار الناس، بل وقلوبهم لتجعلهم يقدمون التضحيات من أجلها، أو من أجل الأهداف التي وضعتها تلك الشخصية.

وهم راضون تمامًا، واثقون أنهم يعملون عملاً عظيمًا، ويقدمون تضحيات رخيصة في سبيل تحقيقه أهداف عظيمة، رغم أن هذه التضحيات قد تساوي أعلى ما عندهم وهو الحياة!

والتاريخ الإسلامي على سبيل المثال شهد قوادًا في المعارك تمتعوا بكاريزما جعلتهم محط أنظار الإتباع ليس على مستوى عصرهم فحسب، بل على كل العصور والأزمان.

مثال ذلك القائد العسكري العظيم خالد بن الوليد رضي الله عنه.
والقائد العسكري العظيم أيضًا عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- وغيرهم كثير وعلى مستوى العصر الحديث من قوادنا المسلمين القائد الناصر صلاح الدين الأيوبي، والقائد المظفر (قطز) وغيرهم.

وعلى المستوى العالمي من القواد الذين قادوا بلادهم وانتصروا في بعض المعارك الهامة –رغم أنهم احتلوا بلاد المسلمين ونهبوا ثرواتها- القائد الشاب نابليون بونابرت، إلا أنه بالنسبة لبلاده قد حقق لهم انتصارات عظيمة، وكان محبوبًا لديهم، مطاع الأوامر.

لكن ماذا تعني الكاريزما؟!

الحقيقة إنه لا يمكننا بدقة تحديد ماذا تعنيه هذه الكلمة، لكنها تشير إلى وجود سر كامن في الشخصية يجعلها تتمتع بجاذبية، وقدرة على التأثير على الآخرين لدرجة تجعلهم يضحون في سبيلها، وفي سبيل أهدافها، ويعشقون حديثها.

ومن تلك الصفات التي تتمتع بها الشخصية القيادية الكازمية: الشجاعة- الذكاء- الإقدام- امتلاك الرؤية- الإيمان العميق بالرسالة التي يدعو لها- القدرة الهائلة على تحفيز الآخرين وبث روح الحماسة والشجاعة فيهم ،، والرغبة في التفوق وتحقيق النجاحات تلو النجاحات..

تقول دين كيث سايمنتن في (العبقرية والإبداع والقيادة).
«قليلة تلك السمات الشخصية التي تضاهي الكاريزما في صعوبة التعريف الدقيق، فأن تكون كارزميًا معناه أن تمتلك خاصية غامض تزودك بالأساس القوي للتأثير الفذ، سواء تم هذا في الصلات الشخصية الحميمة، أو أمام الحشود الهائلة من البشر. ومن الأسهل بكثير أن نقدم أمثلة موضحة لهذا الموقف من أن نعرفه إجرائيًا بأي شكل من أشكال التعريف.

لقد كان نابليون قائدًا كاريزمًا بشكل واضح، وكذلك كان هتلر. ولكن ما الذي جعلهما كذلك؟!
كان الباحث الوحيد الذي أحرز بعض التقدم في اتجاه تقدير المستويات المختلفة من الكاريزما التي أظهرت زعماء عديدون للدول هو تشارلز سل (1974) c.cpll. فقد ابتكر من خلال تركيزه على زعماء الدول مقياسًا يحتوي على مؤشرات وثيقة الصلة بالموضوع.

فالقائد الذي تتراكم عنده نقاط تجعله شخصًا كارزميًا إذا الصقت صورته الشخصية، أو صنعت بارزة –برغبة ذاتية من الناس وليس خوفًا أو لجلب منفعة شخصية، وإذا اعتبر موحدًا للأمة في اتجاه هدف عظيم، وعلى أنه يقودها نحو النصر العسكري ضد الأعداء الخطرين.

وإذا كان هذا القائد يلقى بخطب طويلة، ولا يبالي في تقديره للأمور الاقتصادية الأساسية، وإذا كان لدى الناس الرغبة في القيام بتضحيات شخصية من أجله. وإذا كان يتصف ببعض الفحولة..».

والخلاصة التي يعتمدها أصحاب هذه النظرية هي أنه لبعض الأشخاص صفات معينة، أو سر معين في شخصياتهم، هذا السر الذي يحتوي (كوكتيل) من الصفات القيادية تجعل هؤلاء مؤهلون بدرجة كبيرة للقيادة.

بل أن القيادة تبحث عنهم، أو أنهم يبحثون عن القيادة؟ وأن لهذه النظرية وجهة نظر، وقيمة حقيقية، حيث أن وقائع التاريخ وأحداثه العظام تؤيدها، في حين أنها لا تنفي التفسيرات الأخرى للقيادة، والنظريات الأخرى.

وعلى هذا فإن هؤلاء الأشخاص المؤهلين للقيادة، والذين يتمتعون بتلك الكاريزما، إذا اتيحت لهم القيادة فعلاً فإنهم قد يأتون بأشياء من شأنها تغيير مجرى التاريخ، وتحقيق الإنجازات العظيمة والانتصارات المبهرة،

 وقد يكون لهؤلاء الأشخاص أيضًا تأثيرًا عكسيًا إن تركنا لهم الحبل على الغارب، وساعدناهم على تحقيق طموحاتهم بلا حدود، وبلا قيود، وبلا ضوابط، فقد يكون من شأن ذلك أن يساهموا في تدمير البلاد والعباد، كما حدث ذلك مع هتلر الذي كانت نهايته الانتحار، بعدا أن تسبب في الكوارث وجلب الدمار لنصف سكان العالم!!

هؤلاء الأشخاص الذين يتمتعون بالكاريزما يحتاجون لأن يتبوؤوا القيادة.، لكن بشرط أن تكون الأمة رقيبة عليهم وأن يحاطوا بمستشارين عظماء لديهم القدرة على ضبط إيقاع هؤلاء القادة مع مصلحة الأمة.

أما على المستويات الأقل كقادة الشركات والمؤسسات، فلابد أن يكون لهؤلاء القادة ضوابط من قوانين العمل التي لا يجب أن يتخطوها أو يتجاوزوها إلا بقدر معلوم.

ومع هذا فيجب أن يكون لقيادة المؤسسات مهما بلغت منزلتهم وقدراتهم ومواهبهم أن يكون لدى هؤلاء رقابة من العاملين ومجموعة من المستشارين المتخصصين الأمناء.

وأن يترك لهؤلاء القادة مساحة كافية يتحركون فيها للمناورة، ولإثبات الكفاءة، والقدرة على خلق واقع جديد.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More