Featured Video

الاثنين، 12 مايو 2014

التحذير من الدعاء على الأبناء

لا تدعوا على أبنائكم

بقلم:عادل فتحي عبدالله
لا شك أن تربية الأولاد تحتاج الكثير من الصبر، لما للأولاد من مشاكل لا حصر لها، حيث أنهم لا يدركون كثيراً من الأمور التي يدركها الكبار، ولا يفكرون بنفس طريقة تفكيرهم، كما أن قدراتهم العقلية لا تزال متواضعة بدرجة كبيرة،

ومن ثم فهم لا يحسبون حساباً لانفعالات الكبار، ولا يدركون أن صبرهم قد ينفد، ولذلك فهم قد يتمادون في الأخطاء، ولا يبالون مطلقاً بأوامرهم بالكف عن هذا السلوك أو ذاك.

ومع هذا فإن بعض الكبار من الآباء والأمهات بصفة خاصة، ومع نفاد صبرهم في بعض الأحيان، وعدم إدراكهم تلك الحقائق المذكورة آنفاً، يندفعون بالدعاء على أولادهم !

وإذا سألت الواحد منهم لماذا تدعوا على ابنك؟!
يقول لك: لقد نفد صبري، كم مرة أقول له لا تفعل كذا.. ثم هو لا يزال يكرر نفس الأخطاء!

وإذا قلت له ألا تعلم أنه قد يصيبه ما تدعو به؟! تجده يقول لك إنني أدعو من وراء قلبي، ولا أريد أن يحدث له مكروهاً قط!

ولقد حذرنا الله تعالى من الدعاء بالشر على الأولاد فقال:
(وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً) الإسراء:11
﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ " يونس: 11
قال ابن كثير رحمه الله:
" يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده ، وأنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم ، أو أموالهم ، أو أولادهم ؛ في حال ضجرهم ، وغضبهم ، وأنه يعلم منهم عدم القصد بالشر إلى إرادة ذلك ، فلهذا لا يستجيب لهم - والحالة هذه - لطفاً ورحمة ، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم , أو لأموالهم , أو لأولادهم , بالخير والبركة والنماء "[1] .
ومع هذا فقد توافق الدعوات ساعة إجابة، فيستجيب الله الدعاء، كما جاء في الحديث النبوي الشريف:
" لا تدعوا على أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على أموالكم ، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم "[2]

هذا وقد كان ديدن الأنبياء والصالحين الدعاء للأولاد وليس الدعاء عليهم، وهذا هو الواجب على الآباء والأمهات تجاه الأبناء، ولس العكس، وانظر إلى ابراهيم عليه السلام يدعو لأولاده فيقول:
" الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحق إن ربي لسميع الدعاء ، رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء "[3]

وقد مدح الله تعالى الإنسان المسلم الصالح الذي يتقبل الله تعالى عمله في أصحاب الجنة، وذكر أنه ممن يدعو لأولاده فقال تعالى:

" ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ، حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي ، وأن أعمل صالحا ترضاه ، وأصلح لي في ذريتي ، إني تبت إليك وإني من المسلمين ، أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ، ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة ، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون " [4]

وكذا قوله تعالى عن صفات عباد الرحمن:"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً " الفرقان74

وفي الحديث النبوي الشريف أيضاً:"ثَلاثُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُنَّ لا شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ"[5]

هذا ولقد سئل الشيخ عبد الله بن جبرين (رحمه الله): 
نرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا عواقب دعاء الوالدين وخاصة الأم على أبنائها بالشر والموت لأتفه الأسباب، علمًا أنها لا تتمنى لهم هذا ولكن عادة لسان والتي استجابة الله لبعضهن من خلال القصص التي نسمع عنها. وشكرًا؟

فأجاب:
على الإنسان ذكر أو أنثى أن يحفظ لسانه، ويصونه عن الكلام السيئ الذي يخشى عواقبه، وذلك لأنه مكتوب عليه لقول الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وقال بعض السلف: من علم أن كلامه من عمله؛ قل كلامه إلا فيما يعنيه.

وهكذا أيضًا يتجنب المسلم ذكرا أو أنثى الدعاء على أولاده أو نفسه أو ماله؛ فقد ورد في الحديث الصحيح: لاتدعوا على أنفسكم، ولا على أولادكم، ولا على أموالكم، لا توافق من الله ساعة، لا يُسأل فيها شيئًا إلا أعطاه فعلى هذه الأم أن تُعوِّد نفسها التحمل والصبر وعدم الدُعاء على أولادها ولو كانت لا تقصد ذلك حقيقة، فعليها أن تُعوِّد لسانها الكلام الطيب فتدعو لهم بالهداية والصلاح والاستقامة.

 ومع ذلك فإن الله سبحانه يعلم ما في قلبها، ولذلك لا يستجيب مثل هذا الدعاء كما قال الله تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ قال بعض المُفسرين: هو قول الرجل لماله إذا غضب اللهم لا تُبارك فيه والعنه ـ يعني أنه يدعو على ماله وعلى ولده في حالة الغضب وهو غير صادق ـ فلو استجاب الله دعائه لأهلك ماله وولده،

 ومع ذلك فقد يقع هذا الدعاء في أوقات الإجابة فيندم ذلك الإنسان ويتمنى أنه ما دعا على أولاده ولكن بعد فوات الأوان. والله أعلم"[6].




[1] ) تفسير بن كثير (2/554 )
2 )  الحديث رواه مسلم .
 ) سور ة ابراهيم الآيات ( 39 ـ 40 ) .[3
 . سورة الأحقاف الأيات ( 15 ـ 16 ) .[4]
[5] ) رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" برقم 596
[6] ) فتوى الشيخ نقلاً عن  http://abogassan.maktoobblog.com

الاثنين، 5 مايو 2014

التخلف الدراسي وعلاقته بالقدرات العقلية

مشكلات التخلف الدراسي

و علاقتها بالقدرات العقلية[i]


تمهيد:
من أهم القضايا التي عالجها علماء النفس معرفة المشكلات التي تواجه الإنسان، ومحاولة تحديدها ودراستها وتفسيرها؛ بغية الوصول إلى حلول لها، وضبط ومعرفة أسبابها؛ حتى يتحول الإنسان من كائن تسيطر عليه المشكلات والمعوقات إلى كائن يسيطر هو على مشكلاته ويتغلب عليها، وهذه المشكلات تختلف من فرد إلى آخر.
وقد اهتم علم النفس بالمشكلات التي تصل إلى درجة الخروج عن السلوك العادي المألوف الذي يعوق حياة الفرد العادية، ويؤثر على حياته الدراسية والاجتماعية، ومن هذه المشكلات مشكلة التخلف الدراسي الذي سنعالجها في هذا الموضوع الذي نأمل ونسأل الله التوفيق في تناوله.
ما معنى التخلف الدراسي؟
هناك تعريفات كثيرة للتخلف؛ فمن الباحتين في علم النفس من يطلقه على طائفة من ضعاف العقول يندرجون تحت (العقل الخفيف)، وهؤلاء يتراوح نسبة ذكائهم بين 70-90، وقد ترتفع هذه النسبة عندهم قليلا، كما عرف بأنه: انخفاض نسبة التحصيل دون المستوى العادي المتوسط في حدود انحرافين معياريين سالبين وله نوعان:
ا- تأخر دراسي عام يرتبط بالغباء، حيث تتراوح نسبة الذكاء بين 70- 85.
2- تأخر دراسي خاص في مادة بعينها كالحساب، وهو الذي يرتبط بنقص القدرة.
وهناك من يرى أن المتأخرين دراسيا هم الذين يستجيبون استجابات صحيحة إيجابية للمنهج الدراسي عندما يعالج تأخرهم الدراسي، والتخلف هنا يعتمد على نواح نفسية تربوية طارئة، وهؤلاء يختلفون اختلافاً كبيرا عن ضعاف العقول الذين لا يستجيبون استجابات إيجابية لمنهج.
ومما تقدم نلحظ اختلاف المصطلحات أو التعريفات التي حددت أنواع التخلف؛ لاختلاف النظر إلى العوامل المسببة له؛ فعلى التعريف الأول يكون انخفاض نسبة الذكاء سببا في التخلف إلى جانب أسباب أخرى.
العوامل المؤدية للتأخر الدراسي:
هناك عوامل كثيرة يمكن أن تؤدي إلى التخلف الدراسي، ترتبط بعوامل اجتماعية ونفسية وتربوية، ويمكننا أن نحد د هذه العوامل فيما يلي:-
1- انخفاض نسبة الذكاء العام عن المعدل المتوسط، كما رأينا في التعريف الأول؛ لأن تكوين القدرة على اكتساب الوظائف العقلية المعقدة يحتاج إلى نسبة ذكاء لا تقل عن الحد الأدنى المساعد على التحصيل المعقول، أي أن الضعف في الناحية العقلية، أو النقص في قدرات الطفل العقلية - والذي نصفه غالبا بالغباء - عامل مهم في التأخر الدراسي.
2- عامل عضوي: مثل ضعف السمع أو البصر، ودورهما - كما نعلم - هام في عملية التعلم، وكذلك التلف المخي والاضطراب الصحي العام؛ وذلك كله لأن عملية التعليم تحتاج إلى إنسان صحيح البنية، مكتمل الحواس، خال من العيوب الخلقية المتصلة بالجهاز العقلي أو الأجهزة العصبية أو العمليات الحسية المتصلة بها.
3- البيئة والمجتمع: في حالات اضطرابات التنشئة الاجتماعية في الأسرة، وسوء التوافق الاجتماعي كأن يصاحب الطفل أقران السوء، بأن ينشأ في ظل علاقات اجتماعية مضطربة القيم والمفاهيم والسلوك، أو حرمان الطفل من المثيرات الثقافية والعقلية.
4- علاقة الطفل بالمدرسة؛ ولأن المدرسة متعددة النشاطات فإن كراهية الطفل لوجه من أوجه النشاط المدرسي قد يكون سببا في كراهيته للمدرسة، وبالتالي للدراسة، وعدم توافقه وانسجامه معها، كما أن الجو العام للمدرسة، أو الفجوة بين المواد التي يدرسها والواقع الذي يعيش فيه، أو صعوبة الطرق التي تدرس بها المناهج، أو انعدام التوجيه والضبط التربوي السليم؛ كل هذه العوامل تلعب درراً هاما في التخلف الدراسي.
5- الاضطرابات الانفعالية: مثل عمليات الإحباط المستمرة، سواء في البيت أو المدرسة، والاضطراب العصبي، وعدم الاتزان الانفعالي والحرمان الدائم.
6- ضعف الدوافع والدافعية - كما نعلم - لها دور مهم في التعلّم، كما أن عدم بذل الجهد الكافي في التحصيل وقلة الاهتمام مرتبطة بضعف الدافعية.
7- أسلوب التربية للطفل، ونوع المعاملة التي يجدها من أسرته، وعلاقة أفراد الأسرة ببعضها، ومدى اضطرابها أو توفر المودة والرحمة فيها، وعدم التناسب بين قدرات الطفل وطموحاته وسنه.
8- عدم اعتماد الطفل على نفسه وتحمل مسؤولياته، واعتماده على والديه أو المدرس الخصوصي.
9- ضعف الذاكرة: إذ إن التذكر هو أساس العمليات العقلية، والوسيلة التي يخزن بها ما يكتسب من خبرات ومعلومات، ولأن النسيان عامل كبير في التأخر الدراسي فالعلاقة بين التذكر والحفظ قوية، وقوة الذاكرة وعدم النسيان مظهران من مظاهر النشاط العقلي، وعاملان هامان في تذكر الخبرات السابقة وتخزينها.
10- ظروف الطفل الاقتصادية: ومع أن الاقتصاد عامل بيئي إلا أن العامل الاقتصادي - مثل توفير احتياجات الطفل من الأدوات المدرسية، وامتلاكه ما يمتلكه زملاؤه - أمر مهم، وفقدانه لذلك قد يجعله متخلفا في الدراسة.
مميزات وسمات المتأخرين عقلياً:
1- من حيث النواحي الجسمية: فنموهم أقل من المتوسط إذا ما قورنوا بزملائهم العاديين، وقد يختلفون في نموهم العقلي وإن كانوا لا يختلفون في الانفعالات والاتجاهات والدوافع والرغبات الجسمية والجنسية، وربما ظهر المتأخرون في الدراسة أطول قامة وأضخم بنية من أقرانهم في الدراسة، وذلك إما لتخلفهم عاماً أو عاميين عن أقرنهم في الدراسة برسوبهم، أو لتأخر التحاقهم أساسا بالمدرسة، كما أنهم يتميزون بارتفاع نسبة الإعاقة في السمع والبصر عن أقرانهم.
2- من حيث الناحية العقلية: فهم ضعاف الذاكرة والقدرة على التفكير الاستنتاجي، كما أنهم ضعفاء في قدرتهم على حل المشكلات التي تحتاج إلى المعاني العقلية، وهم لا يستطيعون اختزان المعلومات لفترة طويلة، ويعجزون عن تكرار الأعداد والجمل التي تحتاج إلى تكرار - عقب سماعها مباشرة - دون أن يجدوا صعوبة في ذلك، كما أنهم سطحيو الإدراك، وضعاف من حيث الحفظ والفهم العميق للأمور، الأمر الذي يجعل استفادتهم الكاملة من الخبرات السابقة أمراً قليلا، وهم إلى جانب ذلك كله أقل تقديراً للعواقب أو إدراكاً للنتائج وما يترتب على تصرفاتهم، مما يجعلهم يتصرفون بتلقائية وسهولة.
3- أما من الناحية الانفعالية فغالبا ما يسيطر عليهم إحساس عدائي نحو المدرسة، ونحو الزملاء أو المدرسين؛ نتيجة لإحساسهم بالنقص أو شعورهم بالذنب، وهم لذلك يحبون الانطواء على أنفسهم والهروب من المدرسة أو المجتمع، كما أنهم سلبيون في اتجاهاتهم نحو المدرسة؛ بحيث يقنعون أنفسهم بأنهم فاشلون وبالتالي منبوذون من مجتمع المدرسة، ومن لهم مثل هذا النوع من الإحساس يصعب تعديل سلوكهم.
4- أما من الناحية الاجتماعية: فيرى بعض الدارسين أن التأخر في الطبقات ذات المستوى الاجتماعي المنخفض أعلى منه في الطبقات ذات المستوى العالي، وهؤلاء يرجحون جانب العلاقات الاقتصادية، أما البعض الآخر فيرى أن التأخر لا علاقة له بالمستوى الاقتصادي أو الثقافي؛ لأنه يشمل جميع الطبقات باختلاف مستوياتهم المادية، وهم من الناحية الاجتماعية ينقادون بسهولة للمربيين وللخارجيين عن القانون كتنفيس لإحساسهم نحو المجتمع أو للانتقام منه.
5- من الناحية الشخصية: فهم - كما ذكرنا - أقل تكيفا، وتنعدم فيهم روح الابتكار والقيادة.. وحب الاستطلاع والتحصيل والمثابرة معدوم عندهم؛ نتيجة الإحباط الدائم من الناس والأقران، ووصفهم بالأغبياء والبلهاء، زيادة على السلبية في اتجاهاتهم وميولهم، وإن كانوا لا يختلفون عن أقرانهم في النواحي الإنسانية المتعلقة بالطاعة، بل قد يكونون أكثر طواعية وانقيادا من غيرهم.
علاقة التأخر الدراسي بالقدرات العقلية
يذكر الدكتور أحمد زكي أن (وظيفة التعلم الأساسية هي مساعدة الكائن الحي على أن يتكيف مع بيئته الخارجية، بأبسط طريقة ممكنة، بأقل مجهود ممكن، على أصح طريقة ممكنة، بواسطة تنمية أساليب سلوك مكتسبة تساعده على مواجهة المواقف الخارجية، والتغلب على مشكلاتها بنجاح).
ومن هنا كانت أهمية دراسة العلاقة بين التأخر الدراسي والقدرات العقلية؛ لأن عملية التعلم بالطريقة التي حددها الدكتور أحمد زكي لا يمكن إتمامها بالصورة المرضية للمتأخرين عقلياً؛ لأن عملية التعلم تعتمد أساساً على عمليات عقلية تسهم فيها، وسنحدد هذه العمليات العقلية لنحدد موقف المتأخرين عقلياً منها.
ا- التذكر ضعيف عند المتأخرين دراسيا، وهو كما ذكرنا أساس عمليات التعلم، وبما أن المتخلف لا يستطيع أن يتذكر خبراته القديمة، وبالتالي يربطها بالخبرات الجديدة؛ فإنه يفتقد عاملا هاما من عوامل التعلم الأساسية.
2- الحفظ: يتميز المتأخرون دراسيا بأنهم لا يحفظون، وبالتالي لا يتذكرون الخبرات الماضية، ولا يستطيعون استدعاء ما تعلموه في المواقف الجديدة؛ فسريعوا التعلم يحفظون أكثر من ضعاف التعلم؛ لأن الحفظ مظهر من مظاهر الذكاء، والمتأخر أقل ذكاء من الشخص العادي.
3- التفكير: فعن طريقه ينظم العقل بين الخبرات وإدراك العلاقات بين المواضيع والمواقف؛ وبما أن التفكير يتطلب نشاطا عقليا أكبر من نشاط المستويات العقلية الأخرى، فإن المتأخرين دراسيا يعجزون عن أداء هذه العملية العقلية العليا، وبالتالي لا يستطيعون اكتساب عادات فكرية صحيحة وتدريب تفكيرهم وتوجيهه بالقدر الذي تسمح به قدرة الإنسان.
4- الاستدعاء: وهو استرجاع الذكريات مع ما يصاحبها من ظروف الزمان والمكان، وهذه مرحلة عقلية يمكن تدريب المتأخرين عليها، إلا أن سرعة الاستدعاء عندهم أقلّ من السرعة عند أقرنهم من زملائهم.
علاج التأخر الدراسي
فرق الدكتور حامد الفقى بين نوعين من التأخر هما:
(أ) التأخر الخلِقي: ذلك راجع إلى قصور أو تغير في نمو الجهاز العقلي، أو الأجهزة العصبية، أو العمليات الحسية المتصلة بها.
هذا النوع من التخلف يصعب علاجه؛ لأنه راجع إلى قصور في النمو، أو سبب في التكوين البيولوجي للمخ، وهؤلاء لا أمل في زيادة نسبة ذكائهم، ولكن من الممكن رفع كفايتهم التحصيلية، وزيادة فعالية استعدادهم، وذلك عن طريق إثارة الدوافع، ويمكن أيضا تغيير اتجاهاتهم السلبية وتخليصهم من الاحساسات التي يحسون بها من مشاعر مؤلمة؛ فالصعوبة في علاجهم أنهم معوقون من النواحي الاجتماعية والانفعالية والتربوية التي ترجع إلى العيش في ظروف ينخفض فيها المستوى الثقافي والاجتماعي في الريف والأحياء الفقيرة في المدن، كما أنهم يفتقرون إلى الخبرات والتجارب التي تجعلهم مستعدين للعملية التربوية بالإضافة إلى سوء التغذية والمسكن.
(ب) التأخر الوظيفي:
يرجع إلى أسباب يمكن علاجها؛ لأنها ترجع إلى أسباب تتعلق بالظروف الاجتماعية والأسرية التي يعيشون فيها، وغالباً ما يكون آباؤهم وأمهاتهم أميين وقدراتهم محدودة، ويمكن لعلاجهم تحديد برامج لهم قبل دخول المدارس لإثارة الحماس والنشاط وإكسابهم خبرات جديدة افتقدوها في بيئاتهم، كذلك الأسباب الانفعالية يمكن علاجها بإزالة الأسباب المؤدية إليها كاضطراب الأسرة، وسوء العلاقة بين الطفل وأسرته؛ فالعلاقة الطبيعية لها دور في نموه الانفعالي، وتحسينها سيؤدى إلى تحسين مستوى الطفل، كما يمكن علاج هذه الحالة بتحسين أساليب الآباء في التربية.. وطريقتهم في تأديب أولادهم، زيادة على اهتمام الأمهات بالرعاية الصحية لأبنائهن وأسرهن، وإتاحة فرص الترفيه واللعب للأطفال، وتوجيه عواطف الآباء نحو أولادهم، بحيث تسود مشاعر الحب والاحترام بدلا من الكراهية.
كما يمكن معالجة التأخر الناتج عن تفكك الأسرة بتوجيه الأسرة إلى التماسك وسيادة مشاعر الحب والانتماء للأسرة.
أما التأخر الناتج من سوء التغذية فيمكن علاجه برفع مستوى التغذية، بحيث يعود للطفل نشاطه وحيويته، ويمكن أيضا تغيير نظام المساكن وإقامتها على أسس صحية اجتماعية، بحيث يتوفر للطفل الجو المناسب لممارسة حياته وعلاقاته الاجتماعية وإشباع حاجاته وميوله، وتوفير الجو الملائم للمذاكرة.
خاتمة:
رأينا فيها سبق أنماطا من الأطفال تتحكم فيهم ظروف غير طبيعية، تؤدي إلى تأخرهم الدراسي، هذه الظروف ليست خاصة بالريف، وإنما هي ممتدة لكل المدن وشاملة لكل الطبقات العليا والدنيا الفقيرة والغنية، ورأينا أن بإمكاننا التغلب على هذه المشكلة إذا اهتمت الدولة بعلاجها عن طريق رجال التربية ووفرت لها الإمكانيات المادية والعلمية حتى يمكن أن يعالج ما يمكن علاجه، ويوقف تدهور ما لا يمكن، كالتخلف العقلي حيث تكون الأجهزة العقلية معيقة عن أداء وظائفها، ورأينا أن بإمكاننا تكوين الاتجاهات والقيم لدى المتأخرين دراسيا، عن طريق الخبرات والانتظام في الدراسة، وتشجع الوالدين والمدرسة وإزالة مشاعر الاضطهاد والنقص وغيرها.
وآمل أن أكون قد وفقت في تناول المشكلة تناولا أقرب إلى الموضوعية.. والله الموفق.
مراجع البحث. للدكتور حامد الفقى
1- التأخر الدراسي                     أحمد ذكى صالح
2- علم النفس التربوي                 حامد زهران
3- علم نفس النمو                      فؤاد البهى
4- ا لذكاء                               آرثرجيست وآخرين
5- علم النفس التربوي                  ترجمة إبراهيم حافظ وآخرين






[i] ) بحث لفضيلة الدكتور: عباس محجوب، الأستاذ بكلية ا لدعوة     

الأحد، 4 مايو 2014

التأخر الدراسي(2)



سمات الطلاب المتأخرين دراسيًا[i] 
يتصف الطالب المتأخر دراسياً ببعض الخصائص والسمات مجتمعة أو منفردة
والتي أوضحتها بعض الدراسات والبحوث النفسية من أهمها ما يلي :
1- 
السمات والخصائص العقلية :
مستوى إدراكه العقلي دون المعدل.
ضعف الذاكرة وصعوبة تذكره للأشياء.
عدم قدرته على التفكير المجرد واستخدامه الرموز.
قلة حصيلته اللغوية.
ضعف إدراكه للعلاقات بين الأشياء.

2
ـ السمات والخصائص الجسمية:
لا يكون في صحته الجسمية الكاملة وقد يكون لديه أمراض ناتجة عن سوء التغذية:
لديه مشكلات سمعية وبصرية أو عيوب في الأسنان وتضخم في الغدد أو اللوزتين أو زوائد أنفية.

3- 
السمات والخصائص الانفعالية :
فقدان أو ضعف ثقته بنفسه.
شرود الذهن أثناء الدرس .
عدم قابليته للاستقرار وعدم قدرته على التحمل .
شعوره بالدونية أو شعوره بالعداء.
نزوعه للكسل والخمول .
سوء توافقه النفسي .

4- 
السمات والخصائص الشخصية والاجتماعية :
قدرته المحدودة في توجيه الذات أو التكيف مع المواقف الجديدة.
انسحابه من المواقف الاجتماعية والانطواء.

5- 
العادات والاتجاهات الدراسية :
التأجيل أو الإهمال في إنجاز أعماله أو واجباته.
ضعف تقبله وتكيفه للمواقف التربوية والعمل المدرسي.
ليست لديه عادات دراسية جيدة.
لا يستحسن لمدرسه كثيراً.التأخر الدراسي علاجه :إن الكثير من حالات التأخر الدراسي يعود كما أسلفنا إلى أسباب متعددة ولتحسين مستوى تحصيل الطالب لابد من التشخيص الدقيق لنقاط الضعف لديه ولبحث عن الأسباب ومن ثم وضع العلاج المناسب .وعادة يتم علاج التأخر الدراسي في إطارين:أولهما : توجيه المعالجة إلى أسباب تخلف الطالب في دراسته سواء اجتماعية ، صحية اقتصادية .. الخ .ثانيهما: توجيه المعالجة نحو التدريس أو إلى مناطق الضعف التي يتم تشخيصها في كل مادة من المواد الدراسية باستخدام طرق تدريس مناسبة يراعى فيها الفروق الفردية.وتكثيف الوسائل التعليمية الاهتمام بالمهارات الأساسية لكل مادة والعلاقات المهنية الايجابية بين المدرس والطالب.ويتم تحقيق تلك المعالجات من خلال تحديد الخدمات الإرشادية والعلاجية المناسبة لكل حالة ويمكن تقسيم هذه الخدمات إلى :أولاً - الخدمات الوقائية :وتهدف إلى الحد من العوامل المسئولة عن التأخر الدراسي وأهم هذه الخدمات :

1- 
التوجيه والإرشاد الأكاديمي والتعليمي وتتمثل في تبصير الطلاب بالخصائص العقلية والنفسية . ومجالات التعليم العام والفني والمهني والجامعات والكليات ومساعدة الطلاب على اختيار التخصص أو نوع التعليم المناسب .

2- 
الخدمات التعليمية وتتمثل في توجيه عناية المدرس إلى مراعاة الفروق الفردية أثناء التعليم أو التدريس وتنويع طريقه التدريس واستخدام الوسائل التعليمية ، وعدم إهمال المتأخرين دراسياً .

3- 
خدمات صحية وتتمثل في متابعة أحوال الطلاب الصحية بشكل دوري ومنتظم وتزويد المحتاجين منهم بالوسائل التعويضية كالنظارات الطبية والسماعات لحالات ضعف البصر أو السمع، وإحالة الطلاب الذين يعانون من التهاب اللوزتين والعيوب في الغدد الصماء وسوء التغذية إلى المراكز الصحية أو الوحدات الصحية المدرسية لأخذ العلاج اللازم .

4- 
خدمات توجيهية وتتمثل في تقديم النصح والمشورة للطلاب عن طرق الاستذكار السليمة و مساعدتهم على تنظيم أوقات الفراغ واستغلالها وتنمية الواعي الصحي والديني والاجتماعي لديهم وغرس القيم والعادات الإسلامية الحميد وقد يتم ذالك من خلال المحاضرات أو المناقشات الجماعية أو برامج الإذاعة المدرسية وخاصة في طابور الصباح أو من خلال النشرات والمطويات .

5- 
خدمات إرشادية نفسية وتتمثل في مساعدة الطلاب على التكييف والتوافق مع البيئة المدرسية والأسرية وتنمية الدوافع الدراسية والاتجاهات الايجابية نحو التعليم والمدرسة ومقاومة الشعور بالعجز والفشل ويتم ذلك من خلال المرشد الطلابي لأسلوب الإرشاد الفردي أو أسلوب الإرشاد الجماعي حسب حالات التأخر ومن خلال دراسة الحالة .

6- 
خدمات التوجيه الأسرية وتتمثل في توجيه الآباء بطرق معاملة الأطفال وتهيئة الأجواء المناسبة للمذاكرة ومتابعة الأبناء وتحقيق الاتصال المستمر بالمدرسة وذلك من خلال استغلال تواجد أولياء الأمور عند اصطحاب أبنائهم في الأيام الأولى من بدء العام الدراسي وأيضاً من خلال زيارة أولياء الأمور للمدرسة بين فترة وأخرى وكذلك عند إقامة مجالس الآباء والمعلمين...الخ.ثانياً: خدمات علاجية:وتهدف إلى إزالة العوامل المسئولة عن التأخر الدراسي من خلال :
1 - 
العلاج الاجتماعي :ويستخدم هذا الأسلوب إذا كان التأخر الدراسي شاملاً ولكنه طارئ حيث يقوم المعالج (المرشد الطلابي ) بالتركيز على المؤثرات البيئية الاجتماعية التي أدت إلى التأخر الدراسي ويقترح تعديلها أو تغييرها بما يحقق العلاج المنشود.ومن المقترحات العلاجية في هذا الجانب ما يلي :
1- 
إحالة الطالب إلى طبيب الوحدة الصحية أو أي مركز صحي لأجراء الكشف عليه وتقديم العلاج المناسب.
2- 
وضع الطالب في مكان قريب من السبورة إذا كان يعاني من ضعف السمع والبصر.
3- 
نقل الطالب إلى أحد فصول الدور الأرضي إذا كان يعاني من إعاقة جسمية كالشلل أو العرج أو ما شابه ذلك.
4- 
تقديم بعض المساعدات العينية أو المالية إذا كانت أسرة الطالب تعاني من صعوبات اقتصادية أو مالية في توفير الأدوات المدرسية للطالب.
5- 
توعية الأسرة بأساليب التربية المناسبة وكيفية التعامل مع الأطفال أو الأبناء حسب خصائص النمو ، وتعديل مواقف واتجاهات الوالدين تجاه الأبناء.
6- 
إجراء تعديل أو تغيير في جماعة الرفاق للطالب المتأخر دراسياً.
7 - 
نقل الطالب المتأخر دراسياً من فصله إلى فصل آخر كجانب علاجي إذا أتضح عدم توافقه مع زملائه في الفصل أو عجزه عن التفاعل معهم ، إذا كان السبب في التأخر له علاقة بالفصل .
8 - 
إحالة الطالب المتأخر دراسياً إلى إحدى عيادات الصحة النفسية أو معاهد التربية الفكرية لقياس مستوى الذكاء إذا كان المعالج يرى أن التأخر له صلة بالعوامل العقلية .

2 - 
الإرشاد النفسي :وفيه يقوم المعالج ( المرشد الطلابي ) بمساعدة الطالب المتأخر دراسياً في التعرف على نفسه وتحديد مشكلاته وكيفية استغلال قدراته واستعداداته والاستفادة من إمكانيات المدرسة والمجتمع بما يحقق له التوافق النفسي والأسري والاجتماعي .ومن المقترحات العلاجية في هذا الجانب ما يلي :
عقد جلسات إرشادية مع الطالب المتأخر دراسياً بهدف إعادة توافق الطالب مع إعاقته الجسمية والتخلص من مشاعر الخجل والضجر ومحاولة الوصول به إلى درجة مناسبة من الثقة في النفس وتقبل الذات .
التعامل مع الطالب الذي لديه تأخر دراسي بسبب نقص جسمي أو إعاقة جسمية بشكل عادي دون السخرية منه أو التشديد عليه.
تغيير أو تعديل اتجاهات الطالب المتأخر دراسياً السلبية في شخصيته نحو التعليم والمدرسة والمجتمع وجعلها أكثر إجابة .
تغيير المفهوم السلبي عن الذات وتكوين مفهوم ايجابي عنه .
مساعدة الطالب المتأخر دراسياً على فهم ذاته ومشكلته وتبصيره بها وتعريفه بنواحي ضعفه والأفكار الخاطئة وما يعانيه من اضطرابات انفعالية .
تنمية الدافع ( وخاصة دافع التعلم ) وخلق الثقة في نفس الطالب التأخر دراسياً .
إيجاد العلاقة الإيجابية بين المعلم والطالب المتأخر دراسياً وتشجيع المعلم على فهم نفسية الطالب المتأخر دراسياً وتحليل دواخله.
التأكيد على المعلم بمراعاة التالي عند التعامل مع المتأخر دراسياً :
** 
عدم إجهاد الطالب بالأعمال المدرسية.
** 
عدم إثارة المنافسة والمقارنة بينه وبين زملائه.
** 
عدم توجيه اللوم بشكل مستمر عندما يفشل الطالب المتأخر دراسياً في تحقيق أمر ما . وعدم المقارنة الساخطة بينه وبين زملاء له أفلحوا فيما فشل هو فيه.

3- 
العلاج التعليمي :ويستخدم هذا الأسلوب إذا كان التأخر الدراسي في مادة واحدة أو أكثر وأن سبب التأخر لا يتصل بظروف الطالب العامة أو الاجتماعية أو قدراته العقلية . بل بطريقة التدريس . عندها يقوم المعالج ( المرشد الطلابي أو المدرس ) بالتركيز على كل ماله صلة بالمادة ، المدرس , طريقة التدريس, العلاقة مع المدرس ، عدم إتقان أساسيات المادة ...الخ.ومن المقترحات العلاجية في هذا الجانب ما يلي :
إرشاد الطالب المتأخر دراسياً وتبصيره بطرق استذكار المواد الدراسية عملياً .
مساعدة الطالب المتأخر دراسياً فيوضع جدول عملي لتنظيم وقته واستغلاله في الاستذكار والمراجعة .
متابعة مذكرة الواجبات المدرسية للطالب المتأخر دراسياً وإعطائه الأهمية القصوى في الإطلاع عليها وعلى الملاحضات المدونة من المدرسين .
إعادة تعليم المادة من البداية للطالب المتأخر دراسياً والتدرج معه في توفير عامل التقبل ومشاعر الارتياح وتقديم الاشادة المناسبة لكل تقدم ملموس وذالك إذا كان السبب في التأخر يرجع إلى عدم تقبل الطالب لهذه المادة .
عقد لقاء أو إجتماع مع المعلم الذي يظهر عندة تأخر دراسي مرتفع والتعرف منه على أسباب ذالك التأخر وماهي المقترحات العلاجية لدية . ثم التنسيق معه بعد ذلك حول الإجراءاتالعلاجية لذالك التأخر .
عمل فصول تقويه علاجية لتنمية قدرات الطالب تسمح به للحاق بزملائه حيث يعتمد المعلم في تلك الفصول على إستخدام الوسائل المعينة كعامل مساعد لتوصيل المعلومات




[i] ) عن  http://www.gulfkids.com/ar/index.php?action=show_art&ArtCat=2&id=736

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More