Featured Video

الاثنين، 12 مايو 2014

التحذير من الدعاء على الأبناء

لا تدعوا على أبنائكم

بقلم:عادل فتحي عبدالله
لا شك أن تربية الأولاد تحتاج الكثير من الصبر، لما للأولاد من مشاكل لا حصر لها، حيث أنهم لا يدركون كثيراً من الأمور التي يدركها الكبار، ولا يفكرون بنفس طريقة تفكيرهم، كما أن قدراتهم العقلية لا تزال متواضعة بدرجة كبيرة،

ومن ثم فهم لا يحسبون حساباً لانفعالات الكبار، ولا يدركون أن صبرهم قد ينفد، ولذلك فهم قد يتمادون في الأخطاء، ولا يبالون مطلقاً بأوامرهم بالكف عن هذا السلوك أو ذاك.

ومع هذا فإن بعض الكبار من الآباء والأمهات بصفة خاصة، ومع نفاد صبرهم في بعض الأحيان، وعدم إدراكهم تلك الحقائق المذكورة آنفاً، يندفعون بالدعاء على أولادهم !

وإذا سألت الواحد منهم لماذا تدعوا على ابنك؟!
يقول لك: لقد نفد صبري، كم مرة أقول له لا تفعل كذا.. ثم هو لا يزال يكرر نفس الأخطاء!

وإذا قلت له ألا تعلم أنه قد يصيبه ما تدعو به؟! تجده يقول لك إنني أدعو من وراء قلبي، ولا أريد أن يحدث له مكروهاً قط!

ولقد حذرنا الله تعالى من الدعاء بالشر على الأولاد فقال:
(وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً) الإسراء:11
﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ " يونس: 11
قال ابن كثير رحمه الله:
" يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده ، وأنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم ، أو أموالهم ، أو أولادهم ؛ في حال ضجرهم ، وغضبهم ، وأنه يعلم منهم عدم القصد بالشر إلى إرادة ذلك ، فلهذا لا يستجيب لهم - والحالة هذه - لطفاً ورحمة ، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم , أو لأموالهم , أو لأولادهم , بالخير والبركة والنماء "[1] .
ومع هذا فقد توافق الدعوات ساعة إجابة، فيستجيب الله الدعاء، كما جاء في الحديث النبوي الشريف:
" لا تدعوا على أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على أموالكم ، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم "[2]

هذا وقد كان ديدن الأنبياء والصالحين الدعاء للأولاد وليس الدعاء عليهم، وهذا هو الواجب على الآباء والأمهات تجاه الأبناء، ولس العكس، وانظر إلى ابراهيم عليه السلام يدعو لأولاده فيقول:
" الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحق إن ربي لسميع الدعاء ، رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء "[3]

وقد مدح الله تعالى الإنسان المسلم الصالح الذي يتقبل الله تعالى عمله في أصحاب الجنة، وذكر أنه ممن يدعو لأولاده فقال تعالى:

" ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ، حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي ، وأن أعمل صالحا ترضاه ، وأصلح لي في ذريتي ، إني تبت إليك وإني من المسلمين ، أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ، ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة ، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون " [4]

وكذا قوله تعالى عن صفات عباد الرحمن:"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً " الفرقان74

وفي الحديث النبوي الشريف أيضاً:"ثَلاثُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُنَّ لا شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ"[5]

هذا ولقد سئل الشيخ عبد الله بن جبرين (رحمه الله): 
نرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا عواقب دعاء الوالدين وخاصة الأم على أبنائها بالشر والموت لأتفه الأسباب، علمًا أنها لا تتمنى لهم هذا ولكن عادة لسان والتي استجابة الله لبعضهن من خلال القصص التي نسمع عنها. وشكرًا؟

فأجاب:
على الإنسان ذكر أو أنثى أن يحفظ لسانه، ويصونه عن الكلام السيئ الذي يخشى عواقبه، وذلك لأنه مكتوب عليه لقول الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وقال بعض السلف: من علم أن كلامه من عمله؛ قل كلامه إلا فيما يعنيه.

وهكذا أيضًا يتجنب المسلم ذكرا أو أنثى الدعاء على أولاده أو نفسه أو ماله؛ فقد ورد في الحديث الصحيح: لاتدعوا على أنفسكم، ولا على أولادكم، ولا على أموالكم، لا توافق من الله ساعة، لا يُسأل فيها شيئًا إلا أعطاه فعلى هذه الأم أن تُعوِّد نفسها التحمل والصبر وعدم الدُعاء على أولادها ولو كانت لا تقصد ذلك حقيقة، فعليها أن تُعوِّد لسانها الكلام الطيب فتدعو لهم بالهداية والصلاح والاستقامة.

 ومع ذلك فإن الله سبحانه يعلم ما في قلبها، ولذلك لا يستجيب مثل هذا الدعاء كما قال الله تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ قال بعض المُفسرين: هو قول الرجل لماله إذا غضب اللهم لا تُبارك فيه والعنه ـ يعني أنه يدعو على ماله وعلى ولده في حالة الغضب وهو غير صادق ـ فلو استجاب الله دعائه لأهلك ماله وولده،

 ومع ذلك فقد يقع هذا الدعاء في أوقات الإجابة فيندم ذلك الإنسان ويتمنى أنه ما دعا على أولاده ولكن بعد فوات الأوان. والله أعلم"[6].




[1] ) تفسير بن كثير (2/554 )
2 )  الحديث رواه مسلم .
 ) سور ة ابراهيم الآيات ( 39 ـ 40 ) .[3
 . سورة الأحقاف الأيات ( 15 ـ 16 ) .[4]
[5] ) رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" برقم 596
[6] ) فتوى الشيخ نقلاً عن  http://abogassan.maktoobblog.com

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More