مبادئ التعلم الشرطي
وتربية الأبناء
حسب النظرية السلوكية في
علم النفس – وهي إحدى نظريات تفسير السلوك الإنساني – فإن السلوك الإنساني يعتبر
مجموعة من العادات التي يكتسبها الشخص في حياته يوماً بعد يوم.
ويرون أن هذه السلوكيات
تخضع لما أسموه مبادئ التعلم، وسوف نتعرف هنا على نبذة مختصرة عن مبادئ التعلم
المؤثرة في السلوك الإنساني.
وكيفية التعلم أو التغلب
على العادات، وهل فعلاً السلوك الإنساني والعادات المكتسبة عبر الزمن، والمتغلغلة
في العمق الإنساني، هل يمكن للشخص التغلب حقيقة على مثل هذه العادات؟!!
يقول أصحاب المدرسة
السلوكية –أن السلوك ما هو إلا استجابة لمثير، وأن السلوك الذي يتم تدعيمه وتعزيزه
يقوى ويستمر حدوثه، أما السلوك الذي لا يتم تعزيزه، ولا يتلقى دعماً قوياً يحدث له
ما يسمونه الإطفاء، والانتهاء بعد ذلك.
ومهما قيل من نقد لهذه
النظرية، أو أن تجارب أصحاب هذه النظرية قد قامت على الحيوانات في الأصل، ولم تقم
على الإنسان، إلا أنه لا يختلف أحد على أهمية التعزيز في تقوية السلوك وتدعيمه.
كذلك أهمية العقاب في
القضاء على السلوك غير المرغوب في كثير من الأحيان، ولهذا كانت الجنة وكانت النار،
وكان الحساب والعقاب.
إضافة إلى أنه وإن كانت
التجارب الأولى لأصحاب هذه النظرية قد تمت بالفعل على حيوانات التجارب إلا أن
تطبيقاتها حديثاً قد تمت بالفعل على الإنسان، وأثبتت نجاحات متكررة في التعليم
الرسمي، بل وغير الرسمي، وفي عينات التجارب العشوائية التي قام بها عدد من علماء
النفس على مجموعات متنوعة من المتطوعين من أعمار مختلفة.
يقول ثورنديك أن (العادة
تزداد قوة بالممارسة وتضعف بعدم الممارسة) ويسمى قانون المران أو التدريب "Law of exercise"
إذا إذا أردت محاربة العادة
فعليك بالحد من ممارستها، وإتباع ما يسمى (المقاومة) أو الدحض) فإن هذه المقاومة
ستؤتي أكلها مع مرور الوقت. حيث ستعمل على إطفاء السلوك أو العادة غير المرغوبة.
أما عالم النفس سكنر
فقد استكمل مشوار ثورنديك السلوكي، وتركزت أبحاثه في مجال علم النفس على التعلم
الإجرائي، ودرس أهمية التعزيز كعامل أساسي في عملية التعلم.
ويرى أن الاستجابة عادة لا
تنشأ من مثير معين، أو مثير معروف لكن قد يكون هناك عدة مثيرات غامضة ومن ثم اهتم
بدراسة هذه المثيرات.
ويمكننا الاستفادة هنا في
مجال محاربة العادة السيئة بهذه النظرية عن طريق البحث في كوامن السلوك، أو
المثيرات الغامضة أو الباطنة وراء تلك العادة حتى نستطيع القضاء عليها فعلياً.
على سبيل المثال قد يكون
التدخين عند بعض الأشخاص هو نوع من الهروب، فإذا حدثت مشكلة ما لشخص فإنه قد تعود
الهروب من مواجهة هذه المشكلة عن طريق التدخين.
إنه قد يعتبره نوعاً من
التنفيس عن الغضب، لكنه في الحقيقة هو هروب من مواجهة المشكلة!!
وإذا حاول الشخص أن يوجد
بديلاً للتدخين لمواجهة مشكلاته فإن ذلك يساهم بدرجة كبيرة في حل الموضوع،
ومساعدته في الإقلاع عن تلك العادة السيئة والمدمرة للصحة.
ويستفيد الشخص العادي من
مبادئ التعليم في النظرية السلوكية أيضاً أن يعتمد نظام التعزيز أو المكافأة مع
النفس.
يعني يمكنك أن تحدد لنفسك
مكافأة ما حيث تنجح في دحض عادة معينة غير مرغوبة أو الإقلال منها بدرجة ما حسب ما
وضعته لنفسك من أهداف.
كذلك عليك أن تمنع نفسك من
أمور معينة كنوع من العقاب الذاتي إذا فشلت مرة في تحقيق الهدف الذي وضعته بنفسك!!
كما يستفاد من هذه النظرية
في تحليل السلوك، أو العادة التي تريد التخلص منها، إن تحليل هذه العادة وإيجاد
عواملها المختلفة المؤثرة فيها بشكل مباشر وغير مباشر، ومدى تحقق الأهداف المرجوة
من ورائها والوقوف على السلبيات والإيجابيات كل ذلك يساهم في الحد من تلك العادة.
كما يمكنك القضاء على
العادة عن طريق تجزئتها إلى أجزاء صغيرة، والقضاء عليها جزءًا بعد آخر، بمعنى أن
أي عادة تتكون من عدة عوامل كالتالي (أسباب – دوافع – معززات – عوامل مساعدة –
نتائج – بيئة محيطة...)
وعند تفكيك كل عامل من هذه
العوامل بحيث يصبح إما عاملاً محايداً أو سلبياً ضد هذه العادة، فإننا نستطيع في
النهاية مقاومة هذه العادة، والقضاء عليها بشكل نهائي، لأنها سوف تفتقر لعوامل
استمرارها.
كذلك يمكننا الاستفادة من
النظرية السلوكية عند محاربة العادات السيئة في وضع أهداف إجرائية محددة في طريقنا
للتغلب على تلك العادات...
وذلك على سبيل المثال شخص
ما يريد التخلص من عادة التدخين ويريد أن يضع أهدافاً مرحلية، للإقلال من التدخين
في سبيل القضاء عليه نهائياً، فكيف يضع أهدافه؟!
هل يكتب مثلاً الهدف:
الإقلال من التدخين؟!
الهدف بهذه الصورة هدف عام
لا يمكننا قياسه، ولكي يمكن قياسه فعلياً، يجب أن يكتب بصيغة إجرائية كالتالي: «أن يدخن 3 سجائر فقط في اليوم» إن تحديد
الهدف بهذه الصورة يمكننا قياسه، فإذا دخن 4 سجائر فإنه لم يحقق الهدف..
وأي هدف تريد أن تحققه: يجب عليك أن تضعه في صورة
إجرائية يمكنك المحاسبة عليها، وتستطيع قياسها، وتعرف مدى تحققه من عدمه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق