Featured Video

السبت، 8 فبراير 2014

الحوار مع الأبناء فرض على الآباء

الحوار مع الأبناء فرض على الآباء

بقلم: عادل فتحي عبدالله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم" وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فإنه مما لا شك فيه أن الحوار سلاح من الأسلحة الهامة والإستراتيجية، لكنه سلاح يبني ولا يهدم، يعمر ولا يخرب، وهو سلاح نحتاجه جميعًا، آباء ومعلمين، بل تحتاجه الفئات المختلفة من الناس، ولا غنى لأحدنا عنه فى الوقت الراهن.

ولقد أضحى الحوار مع الأبناء ضرورة من ألزم الضرورات فى هذا الزمن الصعب، ذلك لأن طفل اليوم ليس كطفل الأمس، فمع تعدد أدوات المعرفة وتطورها، بل وتنوعها، ومع تقدم تكنولوجيا الاتصالات، أصبح الطفل يعرف ما لم يكن يعرفه أقرانه فى السابق، خصوصًا وأن الطفل اليوم قد يعرف ما لا يعرفه الآباء فى كثير من الأحيان بخصوص مجالات معينة،

نتيجة لتفوقه فى التعامل مع التكنولوجيا الحديثة والتى قد لا يحسن استخدامها بعض الآباء نتيجة انشغالهم الدائم أو نتيجة عدم إدراكهم لأهمية تعلمها، ولهذا أصبح أسلوب فرض الأوامر أمرًا غير مجد مع مثل هؤلاء الأطفال، ولا بد من انتهاج أسلوب آخر ألا وهو الحوار، حتى نواجه تلك التطورات، ونوجهها توجيهًا بناءً، ولا نصطدم معها.
هذا ولقد دعا الإسلام إلى الحوار، والجدال بالتى هى أحسن، وحث المسلمين على 
الشورى وجعلها ركيزة أساسية من ركائز الحكم، وما الشورى إلا تحاور ونقاش وجدال.

وآيات الكتاب العزيز تزخر بالكثير من الحوارات، وكذا السنة المطهرة، وإن القارئ الجيد لسيرة المعصوم "صلى الله عليه وسلم" ليجد نماذج كثيرة من الحوار تستحق الوقوف عندها، للتأسي والإتباع.

وقبل أن نتناول الحوار مع الأبناء بالبحث والتحليل، ينبغي أولا أن نلقي الضوء على مفهوم الحوار.

ما هو الحــوار:

الحوار فى اللغة: الرجوع عن الشيء وإلى الشيء.. والمحاورة: المجادلة،
 والتحاور: التجاوب.. قال: وهم يتحاورون أى يتراجعون الكلام، والمحاورة مراجعة المنطق والكلام فى المخاطبة. والمحورة من المحاورة مصدر، كالمشورة من المشاورة"([1]).
وقال الراغب فىمفردات القرآن: (والمحاورة والحوار المرادة فى الكلام ومنه التحاور. قال تعالى: {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا}([2]).

والحوار كلمة عامة تستوعب أنواع التخاطب جميعًا، والحوار يكون بين أطراف ترغب فى التفاهم والتخاطب والتجادل.
وقد ورد لحفظ الحوار فى كتاب الله تعالى فى أكثر من موضع فى سورة الكهف فى قوله تعالى: {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا}([3]).
وقال تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا}([4]).

ولقد سميت سورة كاملة باسم (المجادلة) وهى نوع من الحوار، وذكر فيها لفظ الحوار أيضًا. هذا فضلاً عن عشرات المواضع للمحاورة فى الكتاب العزيز بدون ذكر لفظ الحوار


مفاهيم ترتبط بالحـوار والفرق بينهما:

هناك مصطلحات تتفق فى جانب من مفاهيمها ومعانيها مع مصطلح الحوار، ومنها: الجدل والمناظرة والمحاجة والمكابرة، ولابد من الوقوف مع تلك المصطلحات التى لها علاقة وثيقة بالحوار لبيان أوجه الاتفاق والاختلاف بينها وبين الحوار: 

·              الجــدل: الجدل فى اللغة: هو اللدد فى الخصومة والقدرة عليها.
أما فى الاصطلاح: فهو دفع المرء خصمه عن إفساد قوله بحجة أو شبهة أو يقصد به تصحيح كلامه، وهو الخصومة فى الحقيقة.
·              المناظرة: المناظرة فى اللغة: مشتقة من النظر، والنظر: تأمل الشيء بالعين، والتناظر التقابل، والنظير: المثل.
أما فى الاصطلاح: فهى المحاورة فى الكلام بين فريقين مختلفين يقصد كل منهما تصحيح قوله، وإبطال قول الآخر، مع رغبة كل منهما فى ظهور الحق.
·              المحاجة والمكابرة:
المحاجة فى اللغة: هى التخاصم، أما فى الاصطلاح: فهى دفع الخصم وردّه، لا لبيان الحق، وهى بهذا تتفق مع المكابرة التى عرفها الجرحانى بقوله: "هى المنازعة فى المسألة العلمية لا لإظهار الصواب، بل لإلزام الخصم، وقيل هى مدافعة الحق،

ومما سبق يتضح علاقة الحوار مع هذه المصطلحات إذ كلها تشترك معه فى أنها مراجعة فى الكلام، ومداولة بين طرفين، فهى تدخل فى معنى الحوار من هذه الجهة، ثم تفترق فى بعض دلالاتها، ومقتضياتها، وقد ذهب المعجم الفلسفى فى تحليل لفظ الحوار Dialogue إلى أن: حاوره محاورة وحوار: جادله، والمحاورة: المجاوبة أو مراجعة النطق والكلام فى المخاطبة والتحاور، والتجاوب، لذلك كان لابد فى الحوار من وجود متكلم ومخاطب. ولابد فيه كذلك من تبادل الكلام ومراجعته، وغاية الحوار توليد الأفكار الجديدة فى ذهن المتكلم لا الاقتصار على عرض الأفكار القديمة، وفى هذا التجاوب توضيح للمعانى، وإغناء للمفاهيم يفضيان إلى تقدم الفكر"([5]).

ومما تقدم نرى أن الحوار له هدف ومضمون يختلف عن غيره من المفاهيم القريبة منه. كالجدل والمناظرة وغيرها، فالحوار يجب ألا يحتوى على الخصومة بين الطرفين، ولا أن يؤدى إليها، حتى وإن اختلف الطرفان.
وللحديث بقية..





([1]) "لسان العرب 3/383" لابن منظور.
([2]) "مفردات القرآن (135)"
([3]) سورة الكهف، الآية: 34.
([4]) سورة الكهف، الآية: 37.
([5]) حمود الهتار (جريدة 26 سبتمبر العدد 1160 فى 4/11/2004).

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More