Featured Video

الاثنين، 10 فبراير 2014

من بواعث الملل في الحياة الزوجية

من بواعث الملل في الحياة الزوجية[1]

من منغصات الحياة أن نعطى للناس وحديثهم المساحة الكبرى في حياتنا، وقد يتعب الإنسان نفسه ويشعر بالقلق والملل كثيرًا حين يفكر فى كلام زيد أو عمرو من الناس، أو فى الخوف من كلامهم عليه أو مؤاخذتهم على سلوكه، والحقيقة أننا كثيرًا ما نشغل أنفسنا بكلام الناس ونضعه موضع الاعتبار فى حين أنه ربما يكون تافهًا أو ظالمًا، أو له دوافع خبيثة، ولا يستحق كل هذا الاهتمام،

 فالحساسية الشديدة تجاه كلام الناس أمر يجب التخلص منه كى نحيا حياة سعيدة، وينبغى على الزوجين ألاَّ يعلقا كثيرًا على الاهتمام بكلام الناس عنهما وعن حياتهما أو عن أثاث منزلهما أو غير ذلك.

وهذه قصة رجل وزوجته أعطيا لكلام الناس أو لرأيهم مساحة كبرى فى حياتهما فضيعا حياتهما الزوجية هباءً فى نكدٍ وهمٍّ، وهى قصة الأديب الروسى الشهير "تولستوى". لقد كان فيلسوفًا عظيمًا وكان فى حياته العامة جديراً بالتقدير والاحترام، وكان المعجبون به لا ينقطعون عن زيارته حبًا فى سماع كلامه وحكمته؛ فكانت كل كلمة يقولها تدون فى الصحف ليقرأها الناس. هذا الفيلسوف تزوج امرأة أحبها وأحبته، وسعدا بزواجهما فى بداية الأمر،

 لكن الزوجة كانت غيورة جدًا حتى أنها كانت تغار على زوجها من بناتها، وهذه الغيرة نغَّصَت الحياة على زوجها، فماذا فعل؟ .. لقد ضيَّع جزءًا كبيرًا من وقته فى كتابة مذكراته والتى يلوم فيها زوجته ويحملها تبعة الشقاق بينهما، إنه أراد أن تنصفه الأجيال القادمة أو تصب اللوم كله على زوجته، فماذا فعلت زوجته ردًا على ذلك؟

لقد مزقت جانبًا كبيرًا من مذكراته وأحرقته ثم أخذت تكتب مذكرات أخرى ترد على زوجها وتكيل له الصاع صاعين، بل إنها كتبت فى ذلك قصة بعنوان "غلطة من ؟".

" ما دافع هذا كله ؟ ولماذا أحال هذان الزوجان منزلهما إلى ما يشبه مستشفى المجانين؟! إن هناك سببًا أساسيًا لهذا البلاء، هو رغبة الزوجين كلاهما فى التأثير علينا نحن الأجيال القادمة، لقد أراد كل منهما أن ننصفه وأن نسخط على صاحبه فهل تظن أحدًا منا يهتم: أيهما كان المصيب، وأيهما كان المخطئ؟

كلا .. فأنا وأنت مشغولان بشئوننا الخاصة ولسنا نملك أن نضيع دقيقة واحدة فى آل "تولستوى الكرام..... إننى أعلم علم اليقين أن الناس لا يشغلهم التفكير فى زيد أو عمرو أكثر من لحظات، فهم مشغولون بالتفكير فى أنفسهم منذ يفتحون أعينهم على اليوم الجديد حتى يأوون إلى مضاجعهم، وأن صداعًا خفيفًا يلم بهم لهو كفيل بأن يلهيهم عن خبر موتى أو موتك"([2]).

هذه هى الحقيقة، فالناس لا يفكرون إلا فى أنفسهم ومصلحتهم، فيجب علينا نحن ألا نأسى لآرائهم نحونا وألا نوليها الاهتمام الكبير، وألا نجعلها السبب الرئيس لهمومنا ..
 يقول الله سبحانه وتعالى: { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } (الأنعام: 116).
ولقد رأيت من الناس من يكدر حياته من أجل كلام الناس. فهذا رجل يخسر فى تجارته لكنه لا يريد أن يتحول عنها خوفًا من كلام الناس، وهذه زوجة مهمومة حزينة لأن فلانة قالت شيئًا لم يعجبها فى أثاث شقتها!!.

هذا طبعًا لا يعنى أن لا نأخذ بنصيحة من نثق فيهم فيما ينفعنا فى معاشنا ومعادنا، فالدين النصحية كما جاء فى الحديث الشريف.





[1]) ) من كتاب (حياة زوجية بلا ملل) عادل فتحي عبدالله-الدار الذهبية-القاهرة
([2]) "دع القلق وابدأ الحياة" دايل كارنيجي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More