طفلي مخرب ..ماذا أفعل؟!!
بقلم: عادل فتحي عبدالله
الحلقة الأولى
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا
محمد-صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
يشتكي كثير من الآباء والأمهات من ظاهرة
التخريب عند الأطفال، تلك الظاهرة التي تؤرق الوالدين، وتسبب لهما الكثير من القلق
والاضطراب، بل وتحتاج منهما إلى المتابعة الشديدة والمستمرة للأطفال، هذه الظاهرة
التي لا يكاد يخلو منها أي بيت من البيوت التي تعمر بالأطفال الصغار.
ظاهرة التخريب عند الأطفال..الأسباب والعلاج
الحقيقة أن الأطفال في عمر(2-5) سنوات لديهم
طاقة زائدة، وقدر كبير من الحركة والنشاط، هذه الطاقة وتلك الحركة تحتاج إلى نوع
من التفريغ، وهي إن لم توجه بشكل جيد، فإنها بلا شك ستتوجه إلى التخريب،
هذا بالإضافة إلى حب الطفل في هذه السن وشغفه
بمعرفة كل جديد، وكذلك شغفه بظاهرة الفك والركيب، وإذا أضفنا إلى ذلك كله عدم
إدراك الطفل للمخاطر التي يمكن أن تحدث له، جراء بعض السلوكيات غير المنضبطة،
وجدنا أنفسنا أمام العديد من الأسباب التي تدفع الطفل للتخريب.
وعلى الآباء جميعاً أن يعلموا أن الأطفال في
عمر(2-5) سنوات مخربين، نعم إنهم مخربون بالفعل، فلا تكاد تترك الطفل وحده أمام الطعام
مثلاً دقائق معدودات-وربما أقل من دقيقة- إلا وتجده قد استطاع وبمهارة فائقة أن يبعثره
في كل مكان، ولا تكاد تنسى الألوان بجانبه إلا وتجده وبسرعه قد ملأ الحوائط بما لا
يسرك من (الشخبطة)..إلخ
وليس ذلك كله عيباً في الطفل، بل ربما الطفل
الذي لا يخرب هو طفل غير طبيعي، ويحتاج لأن يعرض على الطبيب، لأن التخريب في هذه
السن ظاهرة طبيعية.
ويزيد من حدة ظاهرة التخريب مسألة أخرى من
لوازم تلك المرحلة أيضاً، وهي مسألة عناد الطفل، لأن الطفل في هذه المرحلة عنيد
جداً، ولا يطيع الأوامر، بل لا أكون مبالغاً إذا قلت إنه ينفذ عكس ما يؤمر به.
فإذا تركت الطفل مثلاً أمام (التلفزيون) –وفي
متناول يده-وقلت له لا تعبث (بالتلفزيون)، فكأنك تقول له أرجوك لا تترك التلفزيون إلا
وهو مخرب، أو ملقى على الأرض، إنك تهديه عندئذ أعظم هدية.
وإذا كان (التلفزيون) ليس في متناول يده
ولكنك تركت مع (الريموت) فلا شك أنك ستحتاج إلى إعادة ضبط القمر في أغلب الأحوال،
هذا إن ظل (الريموت) في يده ولم يلق به من النافذة!!
"ومع ذلك فإن ما نعرفه عن الصغار عامة،
من حاجة إلى الحركة والقفز والصراخ، والتنفيس لا يعد مجرد استجابة لمنبه يحدث
استثارة، على الرغم من أن هذا المنبه ربما يكون فرصة لهذه الاستجابة.
والواقع أن الأطفال لا يسهل عليهم مثل الكبار
أن يجلسوا جامدين، دون حركة لفترات طويلة، ودون أن يدقوا المقعد بكعوبهم، او
يقفزوا من فوقه، أو أن يحركوا أذرعهم، أو يلمسوا الأشياء ويحركوا أشياء دقيقة
بأصابعهم.
أو أن يغيروا من أصواتهم، وليست المسألة أن
لديهم طاقة زائدة يستهلكونها،
ولكنها مسألة نقص في التكامل، وفي ضبط أجهزة
الحركة بالمقارنة بالكبار.
فالصغار لا يستطيعون مثلاً أن يتحملوا طويلاً
الحركات المتقنة، الدقيقة التي تتطلبها الكتابة بين السطور الضيقة، أو الجلوس
المعتدل أو الهمس دون أن يصيبهم قدر كبير من التوتر.
ويبدو من المعقول أن نفترض أن تلك الحركات
تصيبهم بقدر كبير من البهجة، فهي بوجه عام ذات جدوى أو نفع من الناحية البيولوجية.
والواقع أنه ليس هناك دليل محدد بوضوح عن هذا
المظهر الخاص بما نحصل عليه من سرور لأداء وظيفة ما بشكل أو بآخر، ولكن ليس هناك شك في أن الحركة أو التمرين
يؤديان إلى الصحة واللياقة ما لم يفرضا أي توتر)[1]
إذاً فبالإضافة إلى الحركة الزائدة للطفل في
هذه المرحلة توجد لديه أيضاً صعوبة في التحكم في تصرفاته، خصوصاً الجلوس لفترة
طويلة، أو الإلتزام بالهدوء لفترات بدون أن يكون منشغلاً بأمر هام، ولهذا ينبغي
تقدير مثل هذه الأمور عند التعامل مع الطفل، وللحديث بقية..
[1] ) د/سوزانا ميلر(سيكولوجية اللعب
ص297) بتصرف- ترجمة/د.حسن عيسى- مراجعة/د.محمد عماد الدين إسماعيل- سلسلة عالم
المعرفة- الكويت- الكتاب رقم 120-ديسمبر 1987م
0 التعليقات:
إرسال تعليق