Featured Video

الأربعاء، 5 فبراير 2014

رسائل ..من أعلام المسلمين في التربية

رسائل ..من أعلام المسلمين في التربية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد ....
فهذه رسالة من الرسائل التربوية العظيمة الفائدة لأعلام الإسلام وهي  رسالة (أيها الولد)، وذلك ليس لكونها من رسائل الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي-وهو حجة في التربية أيضاً، وله فيها مؤلفات أعظمها وأكثرها شهرة كتابه العظيم في تربية النفوس وتزكيتها(إحياء علوم الدين)-   فحسب، ولكن أيضاً  لأنها نصائح مهمة يحتاجها الأباء والأبناء، كما وإنها وإن كانت أعدت خصيصاً لطالب العلم فإنها تنفع العالم وغيره من عوام الناس، وهي وإن كانت قد كتبت في زمان غير زماننا إلا انك تجدها وكأنها قد كتبت في زماننا بل ومن اجلنا نحن وأبناءنا،

وإليك هذه النصائح تباعاً:
يقول الإمام الغزالي - رحمه الله-:

·      أيها الولد..!!

  من جملة ما نصح به رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته صلى الله عليه وسلم قوله:" علامة إعراض الله تعالى عن العبد اشتغاله بما لا يعنيه، وإن امرأ ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لجدير أن تطول عليه حسرته، ومن جاوز الأربعين ولم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار" قال النبي صلى الله عليه وسلم:" من حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه" رواه أحمد وغيره.
وفي هذه النصيحة كفاية لأهل العلم.

·      أيها الولد..!!

  النصيحة سهل، والمشكل قبولها، لأنها في مذاق متبعي الهوى مرّ، إذ المناهي محبوبة في قلوبهم على الخصوص لمن كان طالب علم مشتغلا في فضل النفس ومناقب  الدنيا، فإنه يحسب أن العلم المجرد له  سيكون نجاته وخلاصه فيه، وأنه مستغن عن العمل، وهذا اعتقاد الفلاسفة. ( أي العلم بلا عمل).

  سبحان الله العظيم!! لا يعلم هذا القدر أنه حين حصّل العلم إذا لم يعمل به تكون الحجة عليه آكد، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أشد الناس عذابا يوم القياة عالم لا ينفعه الله بعلمه"[1]
  وروي أن الجنيد رئي في المنام بعد موته، فقيل له:  ما الخبر يا أبا القاسم؟ قال: طاحت العبارات، وفنيت الإشارات، وما نفعنا إلا ركعات ركعناها في جوف الليل.

·      أيها الولد..!!

  لا تكن من الأعمال مفلسا، ولا من الأحوال خاليا، وتيقّن أن العلم المجرد لا يأخذ باليد.

  مثاله لو كان على رجل في برية عشرة أسياف هندية مع أسلحة أخرى، وكان الرجل شجاعا وأهل حرب، فحمل عليه أسد عظيم مهيب، فما ظنّك؟ هل تدفع الأسلحة شره عنه بلا استعمالها وضربها؟!

  ومن المعلوم أنها لا تندفع إلا بالتحريك والضرب، فكذا لو قرأ رجل مائة ألف مسألة علمية وتعلمها، ولم يعمل بها: لا تفيده إلا بالعمل....

·      أيها الولد..!!

  ولو قرأت العلم مائة سنة، وجمعت ألف كتاب، لا تكون مستعدا لرحمة الله تعالى إلا بالعمل لقوله تعالى:{ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [ النجم:39]، وقوله تعالى:{ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا} [ الكهف: 110]، وقوله تعالى:{ جزاء بما كانوا يكسبون} [ التوبة: 82]، وقوله تعالى:{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفرعون نزلا * خالدين فيها لا يبغون عنها حولا} [ الكهف: 107 ـ 108]، وقوله تعالى:{ إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا} [ الفرقان: 70].

  وما تقول في الأحاديث؟ " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلا" [2]
  والإيمان: قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالأركان.

  ودليل الأعمال أكثر من أن يحصى، وإن كان العبد يبلغ الجنة بفضل الله تعالى وكرمه، لكن بعد أن يستعد بطاعته وعبادته، لأن رحمة الله قريب من المحسنين.

  ولو قيل أيضا: يبلغ بمجرد الإيمان.
قلنا: نعم لكن متى يبلغ؟ وكم من عقبة كئود تستقبله الى أن يصل؟.
وأول تلك العقبات: عقبة الإيمان: أنه هل يسلم من السلب أم لا., وإذا وصل يكون خائبا مفلسا.

  وقال الحسن البصري رحمه الله: يقول الله تعالى لعباده يوم القيامة: ادخلوا يا عبادي الجنة برحمتي واقتسموها بقدر أعمالكم.

·      أيها الولد..!!

  ما لم تعمل لم تجد الأجر.

  حكي أن رجلا من بني إسرائيل عبد الله تعالى سبعين عاما، فأراد الله تعالى أن يجلوه على الملائكة فأرسل الله إليه ملكا يخبره أنه مع تلك العبادة لا يليق به دخول الجنة، فلما بلغه قال العابد: نحن خلقنا للعبادة، فينبغي لنا أن نعبده. فلما رجع الملك قال الله تعالى: ماذا قال عبدي؟ قال: إلهي، أنت أعلم بما قال، فقال الله تعالى: إذا هو لم يعرض عن عبادتنا، فنحن ـ مع الكرم ـ لا نعرض عنه، أشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت له.

  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا"[3]
  وقال علي رضي الله عنه: من ظنّ أنه بدون الجهد يصل فهو متمّن، ومن ظنّ أنه يبذل الجهد يصل فهو مستغن.

  وقال الحسن رحمه الله تعالى: طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب. وقال: علامة الحقيقة ترك ملاحظة العمل لا ترك الهمل.

  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الكيّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله"[4]




[1] ) قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء 1\3: رواه الطبراني في "الصغير"، والبيهقي في "شعب الإيمان" من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف.

[2] ) رواه البخاري ومسلم.

[3] ) رواه الترمذي موقوفا على عمر بألفاظ مشابهة.
[4] ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More