سيكولوجية المرأة
بقلم: عادل فتحي عبدالله
لقد خلق الله تعالى الرجل والمرأة،
وجعل لكل منهما دور فى الحياة يختلف عن دور الآخر ورسالته، وبالتالى وجدنا أن كل
منهما له صفاته الجسمية والنفسية التى تميزه، والتى تؤهله لأداء دوره والقيام
بأعباء رسالته،
وأكبر دور تلعبه المرأة فى حياتها
هو دور الأمومة، وهو دور ليس سهلاً أو هينًا، وليس صغيرًا أو حقيرًا، ولكنه
دور هام وعظيم وصعب وله أكبر الأثر فى المجتمع، ولذلك كانت "سيكولوجية المرأة
سيكولوجية أم"([1]) بكل ما تحمله
هذه الكلمة من معنى.
وكذلك فقد زود الله تعالى المرأة
بكل ما ينفعها فى أداء رسالتها كأم فى الحياة، "وهذا علم الأحياء Biology قد
أثبتت بحوثه وتحقيقاته أن المرأة تختلف عن الرجل فى كل شيء من الصورة والسمت
والأعضاء الخارجية إلى ذرات الجسم والجواهر البروتينية لخلاياه النسيجية Molecules of tissue coloration، فمن
لدن حصول التكوين الجنسى Formation
sex فى الجنين،
يرتقى التركيب الجسدى فى الصنفين فى صورة مختلفة،
فهيكل المرأة ونظام جسمها يركب كله تركيبًا
تستعد به لولادة الولد وتربيته، ومن التكوين البدائى إلى سن البلوغ ينمو جسم
المرأة، وينشأ لتكميل ذلك الاستعداد فيها، وهذا هو الذى يحدد طريقها فى الأيام
المستقبلة لها"([2]).
"كما
أن تركيب الجهاز العصبى عند المرأة يختلف قليلاً عن الرجل، فإن تأثير السموم
وخاصة المورفين والكحول اشد على المرأة، فهى تعتاد المورفين وتقع تحت تأثيره
المرضى بسرعة، كما أن التدخين المزمن عند المرأة يؤثر على الحيض ويؤدى إلى اختلال
دورته"([3]).
"كما
ان احتمال إصابة المرأة بالعدوى أقل من الرجل، والإحصائيات تقول: إن نسبة الوفيات
بين الرجال أكثر منها بين النساء، كذلك بين الأطفال الذكور أكثر منها بين الأطفال
الإناث .. الجنس الأنثوى له مقدرة أعلى فى مقاومة المؤثرات الضارة، فهو
يملك حيوية كبرى"([4])،
وذلك لما قد تعانيه المرأة من فترات ضعف فى
حياتها، أثناء الدورة الشهرية، وأثناء الحمل، وبعد الولادة، لذلك فقد زودها الله
تعالى بهذه القدرة على مقاومة الأمراض، بل وجعل قدرتها على تحمل الألم أعظم من
قدرة الرجل على تحمله، لأنها تتعرض له كثيرًا، أكثر من الرجل،
ومن
الملاحظ أن فترات الضعف التى تتعرض لها المرأة فى حياتها يكون لها تأثيرصا واضحًا
على نفسيتها وخصوصًا أثناء فترة الحيض، ومن هنا وجب على الرجل أن يراعى هذا الأمر
ويُحسن التصرف معها ولا يعول كثيرًا على انفعالاتها، والتى قد تكون خارجة عن
إرادتها.
يقول
الطبيب "كرافت ايبنح": "إننا نجد فى حياتها اليومية أن النساء
اللاتى يكن لينات العريكة دمثات الأخلاق، تتغير طباعهن بغتة فور دخولهن فى أيام
الحيض، وكأن هذه الأيام تمر بهن كمر العاصف يصبحن فيها متفجرات، سليطات اللسان،
شديدات الخصام، يشكو سوء خلقهن الخدم والأولاد والأزواج، حتى الأجانب أيضًا لا
يسلمون من سوء معاملتهن"([5]).
وتكوين
المرأة العاطفى والنفسى جُعل لكى يناسب وظيفتها فى الحياة، ولكى يناسب الأدوار
التى تقوم بها، ومن ثم كانت حياة المرأة عاطفية درجة كبيرة، ففيها صفات الرِّقة
والعذوبة، والمرونة، والتأثر، والتضحية، واللين، والانفعال، والعطف.
وقد يظن
البعض أن هذا ضعف من المرأة، والحقيقة أن هذا منتهى القوة ومنتهى الحكمة، لأنه
يكمل الصفات التى يحتاجها الرجل، حيث أن الرجل والمرأة خلقا ليكمل بعضهما البعض،
فالمسألة بينهما ليست مسألة تفاضل ولكنها مسألة تكامل،
كلٌّ قد زوده الله تعالى بما يناسب وظيفته فى
الحياة، كالليل والنهار، فالمراة لا تحتاج لقوة العضلات لتحمل وليدها وتعطف عليه
وإنما تحتاج العطف والحنان والتضحية، وهى تحتاج العذوبة والرِّقة حتى تستميل قلب
الزوج، وحتى تزيل همومه، ويستريح للسكن إليها والركون إليها،
وهى تحتاج
للانفعال والتأثر حتى تكون خاضعة للزوج غير متعجرفة ولا متكبرة، وحتى تكون سريعة
التأثر بأبناءها وتكون شديدة الخوف عليهم، فتحميهم بذلك من المخاطر التى قد
يتعرضون لها، ولولا هذه العاطفة الجياشة لدى المرأة لما استطاعت الصبر على تربية
الأبناء، والقيام بمطالبهم والسهر على راحتهم، وخاصة فى المراحل الأولى من حياتهم،
لأن مرحلة الطفولة عند الإنسان كبيرة نسبيًّا إذا ما قورنت بمراحل الطفولة عند
الحيوان.
فالعاطفة
عند المرأة تجعلها أشد إخلاصًا فى العمل الذى تقوم به، بل تجعلها على استعداد كبير
للتضحية وربما بدون مقابل، ويتضح هذا أكثر عند الكوارث والحروب، فتجد النساء لا
يبخلن بالتضحية والفداء من أجل المجتمع، فيمقمن بخدمة التمريض، والرعاية للمرضى
والسهر على راحتهم، وتضميد جراحاتهم.
وعاطفة
المرأة الجياشة تجعلها سريعة التأثر، وسريعة الانفعال، كما إنها لا تنسى الإساءة
بسرعة، لقوة حساسيتها تجاه ذلك.