Featured Video

الخميس، 24 نوفمبر 2016

العبقرية والإبداع

العبقرية والإبداع
بقلم عادل فتحي عبدالله



"ليس هناك حدود للعقل يقف عندها سوى تلك التي اقتنعنا بوجودها"
نابليون هيل
كاتب أمريكي  ومستشار الرئيس الأمريكي
                                السابق فرانكلين روزفلت

العقل البشري.. ذلك المخلوق العجيب، الذي لا نستخدم منه إلا جزءً يسيرًا، ولا ندرك إمكاناته الخارقة التي حبانا الله تعالى بها.

 يقول كثير من العلماء إننا لا نستخدم سوى 10% من إمكانياتنا العقلية فقط.. وأننا لو استخدمنا 20% من إمكانياتنا العقلية نستطيع أن نحفظ عشر معلومات كل ثانية لمدة 70 سنة تقريبًا، أو على الأقل نخزن هذه المعلومات في الذاكرة، 
هذا الجهاز العجيب (المخ) يتبادل مع جميع أجزاء الجسم عددًا من الرسائل يقدر بخمسين مليون رسالة عصبية في الثانية الواحدة، في جميع أوقات اليوم، وحتى ساعات النوم.

وهذه الرسائل المخية تنطلق من المخ إلى جميع أجزاء الجسم بسرعة مذهلة، هذه السرعة قدرها العلماء بسرعة 360 ميلاً في الساعة.

ولكي تعرف مدى القدرة الهائلة للدماغ في نقل وتبادل المعلومات وفي التخزين، يكفيك أن تعرف أن طول الأوعية الدموية الدقيقة في 1 مم مكعب من المخ حوالي  1400مم.

أما مساحة سطح جدران تلك الأوعية فيساوي 500 ملم مربع، وهذا يعني أننا لو استطعنا مد هذه الأوعية الدقيقة في خط مستقيم لبلغت نحو 1120 كيلو مترًا!!

ويقول العلماء أنك لو استخدمت 40% من قدراتك العقلية لاستطعت إتقان 7 لغات بطلاقة، وقراءة 100 ألف مجلد وحفظها عن ظهر قلب.

إن العباقرة والمخترعين ليسوا أمرًا نادرًا بين البشر بسبب الوراثة فحسب، بل لأنهم يستطيعون استغلال أجزاء أكبر من المخ مما نستغله نحن،
إليك هذه القصة المشهورة عن أحد ملوك الهند والذي يدعى (شيرهام)
..
قام أحد وزراء شيرهام باختراع لعبة مسلية تحتاج إلى ذكاء وتفكير عميق.. ألا وهي لعبة الشطرنج! وحين عرضها الوزير على الملك شيرهام أعجب بها الملك أيما إعجاب!
ثم نظر إلى الوزير في إعجاب. وقال: أيها الوزير لقد قررنا لك مكافأة عظيمة.. اختر ما تشاء واطلب ما تريد!!

قال الوزير: حسنًا مولاي أنا أريد منك أن تمنحنى حبة قمح واحدة عن المربع الأول في رقعة الشطرنج هذه وعن المربع الثاني حبتين، وعن الثالث 4 حبات قمح، وعن المربع الرابع ثمان حبات.. وهكذا حتى يكتمل حساب حبات القمح عن المربع رقم 64!!

قال الملك: الأمر كذلك.. ذلك شيء يسير، يا حراس: افعلوا ما طلب الوزير، وأعطوه حَبات القمح على ما ذكر..
فجاء الحراس، وجاء أمين المخازن ليعد حبات القمح المطلوبة ليمنحها للوزير مكافأة له على اختراع لعبة الشطرنج..

فماذا حدث؟!!
وضع الحراس في الحاوية حبة قمح عن المربع الأول، وحبتان عن المربع الثاني وأربعة عن المربع الثالث وثمانية عن المربع الرابع و16 حبة عن المربع الخامس و32 حبة عن السادس... وهكذا.

يقول بيل جيتس في كتابه "المعلوماتية بعد الإنترنت" في سرد هذه القصة: "وبانتهاء عد حبات المربع الثامن في نهاية الصف الأول جمع مسئول تموين الملك إجمالي عدد الحبات في الصف فوجدها 255 حبة.

ولم يبد الملك عندئذ على الأرجح أي قلق! صحيح أن مجموع عدد الحبات في الصف الأول من اللوحة ربما فاق العدد الذي توقعه لكن لا شيء مدهشًا قد حدث..
ولو أننا افترضنا أن عد كل حبة يستغرق ثانية واحدة فسيكون عد الحبات حتى الآن استغرق 4 دقائق فقط.

فإذا كان الصف الأول استغرق عد حباته 4 دقائق، فحاول أن تخمن كم من الوقت يستغرقه عد حبات القمح لكل المربعات الأربعة والستين.. أربع ساعات؟ أربعة أيام؟ أربع سنوات؟!!

في اللحظة التي انتهى فيها مسئول التموين من الصف الثاني، كان قد عمل لمدة ثماني عشرة ساعة عد فيها 65535 حبة، وعند نهاية الصف الثالث من الصفوف الثمانية للوحة، كان قد استغرق 194 يومًا في عد 16.8 مليون حبة قمح لعدد 24 مربعًا.
 وكان لا يزال أمامه أربعون مربعًا فارغًا عليه أن يملأها!!!

وبكل تأكيد فإن الملك قد نقض عهده مع الوزير لأن الوصول إلى المربع الأخير في اللوحة معناه وضع كمية من حبات القمح تبلغ 18446744073709551615 حبة، وهذا العدد يستغرق في العد 584 بليون سنة، في حين أن عمر كوكب الأرض الذي نعيش عليه منذ بدء الخليقة حتى الآن لم يتعدى 4.5 بليون سنة فقط، 

وطبقًا لأغلب الروايات لهذه الأسطورة الهندية، فإن الملك في مرحلة ما من مراحل العد أدرك أنه قد خدع، (وأن هذا الوزير خارق الذكاء والعبقرية)، فأمر بقطع رأسه".

الحقيقة أن أي شخص لديه علم بقواعد الرياضيات ويعمل عقله بسرعة، يدرك منذ بداية القصة أن الوصول إلى المربع 64 أمر مستحيل، بل قبل ذلك بكثير.
لأن تضاعف الأعداد في المربع التالي لكل مربع سيعطينا أعدادًا مهولة، كما سبق ذكره، لكن ما هي المشكلة؟!

المشكلة أننا جميعًا لا نستخدم عقولنا.. ولا نحاول التفكير... وإذا فكرنا نستخدم جزءً بسيطاً جدًا من العقل. ولا نفكر بعمق، ونتسرع في التفكير.. 
وصدق أرسطو حين قال:
"إذا أقنعت الناس أنك تفكر فإنهم سوف يحبونك، لكن إذا جعلتهم يفكرون فإنهم سوف يكرهونك".




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More