Featured Video

الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

تربية الأطفال وألعاب الطفولة

تربية الأطفال وألعاب الطفولة


بقلم: عادل فتحي عبدالله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة ولسلام على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وعلى آله وصحبه ومن والاه،
وبعد:

فإن الطفل يحتاج للعب كما يحتاج للغذاء، سواء بسواء، وقد أدرك هذه الحاجة معلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، قبل أن يدركها علماء النفس بعدة قرون، فكان يلاعب الأطفال ويمازحهم، ومن ذلك مزاحه مع عمير الأخ الصغير لأنس، حيث كان يقول له:[يا عمير ما فعل النغير]([1]) لعصفور كان يلعب به عمير.

ومن هذا الحديث استنبط العلماء عدة فوائد:
 منها جواز لعب الأطفال ببعض الحيوانات ما لم يكن في ذلك أذى للحيوان.
 ومنها جواز إمساك الطير في القفص ما دام يطعمه ويسقيه، وجواز إنفاق المال فيما يلعب به الطفل من اللعب المباح.

وجاء عن السلف رضي الله عنهم التصابي للصبي، واللعب معه، كيف لا والنبي عليه الصلاة والسلام أطال السجود في الصلاة حين ارتحله الحسين؟
 فقد جاء في الحديث الشريف عن شداد ـ رضي الله - أنه رأى الحسن أو الحسين على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فأطال السجود، فلما قضيت الصلاة قال الناس:
"يا رسول الله, إنك سجدت بين ظهراني صلاتك هذه سجدة قد أطلتها فظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك".

 قال: (فكل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجلة حتى يقضي حاجته)([2]).

ولو أن ذلك الأمر حدث لأحدنا فربما أوقع الصبي من على ظهره، ونهره بعد الصلاة. وهذا الأمر يحدث بالفعل نتيجة جهل بعض الآباء بالسنة النبوية الشريفة وجهلهم كذلك بشخصية الطفل وطريقة التعامل معه.

ومن الأقوال المأثورة في هذا المجال: "داعبوا أبنائكم سبع، وأدبوهم سبع، وصاحبوهم سبع، ثم اتركوا لهم الحبل
على الغارب
".

ومعلوم أن الطفل في سنواته الأولى من العمر، وقبل أن يبلغ الحلم ليس عليه من التكليف شيء، وقبل السنوات السبع الأولى ليس على الوالدين تعليمه الصلاة، ولا تدريبه عليها لأنه لا يحسن ذلك الأمر، إنما حياته كلها لعب.
 ولا يجب أن نضيق على الطفل في اللعب في تلك السن بل يجب أن يشبع رغبته من اللعب، بل وبعد هذه السن يجب أن يسمح الوالدين للطفل باللعب في وقت محدد، ولا يخفى أن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام كان يدرك ذلك الأمر، وكان يسمح
للسيدة عائشة رضي الله عنها بتحقيق تلك الرغبة في اللعب حين كانت حديثة السن.

فكان يسرب بنات صديقات لها ليلعبن معها في البيت، وكان يرى معها بنات لعب تلعب بهن فكان يمازحها في ذلك، وكان يدعها تنظر للحبشة، وهم يلعبون بالحراب في المسجد، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها:
"جاء حبش يزفنون (يرقصون) في يوم عيد في المسجد فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فوضعت رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي انصرفت عن النظر إليهم"([3]).

والأمثلة على تقدير النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة الأطفال إلى اللعب كثيرة.
ويرى البعض أن اللعب يجعل الطفل يستمتع بالحياة، ومن ثم يشبع تلك الرغبة والتي عن طريق إشباعها ينشأ نشأة سوية، وعندما يكبر لا يصاب بعقد نفسية ولا غيرها، ولا يحتاج لإشباع رغبات الطفولة التي لم تشبع، ولعل هذا الأمر يلاحظه بعض الآباء الذين يجلبون اللعب لأبنائهم ويلعبون هم بها!

ويرى عالم الانثروبولوجيا ادوارد نوربك:                                        
"أن الهدف الأساسي للعب ذو أهمية أعمق للطفل فالأطفال الذين يلعبون يتم تحريضهم في المقام الأول على الاستمتاع بالحياة تلك هي القيمة المجربة البارزة للعب، ذلك أنه من دون قدرة الاستمتاع بالحياة، قد تصبح سنوات الرشد الطويلة مملة ومرهقة"([4]).

كما أن اللعب مهم جداً في حياة الطفل وذلك من ناحية مساعدته في عملية التخيل، ولا يخفى على كل مطلع ما لهذا التخيل من أثر فعال في حياة الطفل، يقول جون تندول:
"لقد كان انتقال نيوتن من تفاحة ساقطة إلى قمر ساقط عملاً من أعمال الخيال المتأهب..أما فاراداي فقد مارس هذه الموهبة على الدوام، فكانت سابقة مرشدة لجميع تجاربه، وترجع قدرته وخصوبته كمكتشف –إلى حد كبير إلى القوة الدافعة للخيال".

وقد عرف علماؤنا المسلمون هذا الأمر منذ مئات السنين، حيث يقول الإمام أبي حامد الغزالي- أستاذ التربية في عصره – كلاماً جميلاً في هذا الاتجاه، يقول:"..فإن منع الصبي من اللعب، وإرهاقه في التعليم دائماً يميت قلبه ويبطل ذكائه"([5]).




([1]) رواه البخاري.
([2]) رواه أحمد وأبو داوود والنسائي.
([3]) رواه البخاري ومسلم.
([4]) الأطفال والإدمان التلفزيوني-ماري وين-ترجمة/عبد الفتاح الصبحى-عالم المعرفة.
([5]) أبو حامد الغزالي "إحياء علوم الدين" – كتاب رياضة النفس.



  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More