Featured Video

الجمعة، 11 أبريل 2014

المراهقة وعادات وقيم المجتمع

المراهقة وعادات وقيم المجتمع



بقلم: عادل فتحي عبدالله

    يعتبر البلوغ الجنسي للولد والبنت مؤشرا على ولوج كلاهما  فترة المراهقة، فالبلوغ يعني اكتمال القدرة الجنسية للفرد، وقدرته على الزواج والإنجاب، ومؤشره الاحتلام للفتى، ونزول دم الحيض بالنسبة للفتاة،

ولهذا فإن البلوغ يعتبر جزءاً من المراهقة، وإن كانت المراهقة تبدأ قبل البلوغ بقليل، إنها تعني الاقتراب من البلوغ، وراهق الغلام يعني قارب الاحتلام، أو قارب البلوغ.

كما أن البلوغ يمثل أحد جوانب المراهقة، وهو الجانب الجنسي، وهو فرع عن الجانب الجسمي، الذي هو بدوره جزء من مظاهر النمو المختلفة التي تتميز بها مرحلة المراهقة،

بينما المراهقة هي الاقتراب من النضج الجسمي والنفسي والعقلي والاجتماعي على حد سواء، علماً بأن البنات عادة ما يسبقن الأولاد سناً في البلوغ، فتبلغ البنت عادة في سن مبكرة مقارنة بنظيرها الولد الذي هو في مثل سنها.


وتختلف المراهقة من فرد لآخر، ومن مجتمع لآخر، ومن بيئة لأخرى، من حيث التوقيت، والمظاهر المختلفة للمراهقة، ومن حيث المشاكل أيضا التي يتعرض لها المراهقون.

فنجد مثلا الشاب في القرية يصل إلى مرحلة المراهقة مبكراً، وينتهي منها بسرعة، حيث يتزوج مبكراً أيضاً، ولا يعاني كثيراً من مشاكل المراهقة.

بينما نظيره من الشباب في المدن، يبلغون في سن متأخرة نسبياً، وتطول لديهم فترة المراهقة، ويعانون من مشاكلها المختلفة، ولا يتزوجون غالباً إلا في سن متأخرة .

ولا يقتصر الأمر فقط على الزواج المبكر بالنسبة لشباب القرية ، ولكن أيضاً تختلف طبيعة التعامل مع الشباب في القرية عنها في المدينة غالباً،

ففي حين يتعامل أهل القرية والريف غالباً مع المراهق باعتباره رجلاً مكلفاً، قادراً على تحمل المسؤولية ، قادراً على الكسب- وهو غالباً يضطر لذلك لظروف مجتمعه الريفي- يتعامل بالمقابل أهل المدينة مع المراهق باعتياره لا يزال طفلاً لا يقدر على تحمل المسؤولية، ولا يزال يأخذ من والده (المصروف).

ليس هذا فحسب بل إن الشاب المراهق في القرية يسمح له بقدر كبير من الحرية ، كما  وأن رأيه يحترم،  ويعتد به، بل وفي المجتمعات القبلية قد يكون شيخ القبيلة شاباً يافعا ويكون له منزلته ومكانته واحترامه.

كل هذا يساعد الشباب في القرية وفي المناطق القبلية، على تخطي فترة المراهقة، ويقلل إلى حد كبير من مشاكلها.

كذلك الفتاة في القرية غالباً ما تتزوج مبكراً، ولا تعاني كثيراً من مشاكل المراهقة كما فتاة المدينة مثلاً، والتي عادة ما تتأخر في الزواج،

إن العادات والتقاليد المجتمعية وكذلك الأسرية يكون لها الأثر الكبير والفعال في تأثيرات مرحلة المراهقة على كل من الشاب الفتاة، على حد سواء،

ولهذا نجد أن " المشكلات التي تعترض المراهقين تختلف حسب ظروف المراهق، وحسب الواقع لذي يعيشه، ولذلك فعلاجها ليس موضوعاً أكاديمياً، يمكن أن تعالج مادته علاجاً نظرياً،

 وإنما لابد من أن ننزل إلى أرض الواقع لترى المشاكل على الطبيعة، وكيف يواجهها المراهق في بلادنا، ولندرس وجهات نظرنا نحن الكبار، أيضاً وكيف نواجه هذه المشكلات.

ولنتعرف طريقنا نحوها، لنصل معاً إلى الطريق السوي لعلاجها، وتخليص أبنائنا من آثارها، هذا من ناحية إذا ما اردنا فعلا أن يستمع المراهقون لنا، وأن يضعوا أيديهم في أيدينا لنواجه معاً المشكلات" [1]

لقد وجد أن المجتمعات التي تتسم بالقبلية والبداوة إلى حد ما لا يعاني فيها الشباب مطلقاً من مشاكل المراهقة، حتى في العصر الحديث الذي تأخر فيه سن الزاج نسبياً عل المستوى العام، وفي كل المجتمعات تقريباً،

إلا أن الأمر لا يعود فقط لتقدم سن الزواج- وإن كان ذلك هو العامل الأهم- ولكن أيضاً يعود لثقافة المجتمع وطريقة تعامله مع المراهقين،

 حيث أن المراهق الذي أعطي المسؤولية وكلف بها وتحملها ليس كالمراهق الذي ترك هكذا وتم التعامل معه على أنه لا يزال طفلاً. إن تحميل الشباب مسؤولية يستحقونها ويقدرون عليها أمر في غاية الأهمية بالنسبة لهم من الناحيتين الاجتماعية والنفسية،

وهو أمر ضروري لنموهم بشكل طبيعي، حيث أن التقبل الاجتماعي أمر يبحث عنه الشباب المراهقين، يأنسون به ويطمأنون له،

 ويعتمد نمو المراهق ونضجه نفسيا ًواجتماعياً على مدى شعوره بالراحة والأمان، والتقبل الاجتماعي، والرضى عن الذات، والاندماج في عالم الكبار بشكل طبيعي،  وبدون أي توترات.

إن بعض مشاكل المراهقين يصنعها الآباء والأمهات، والمربين، وذلك حين ينظرون إلى الشاب المراهق على أنه لا يزال طفلا صغيرا ويصرون على التعامل معه على هذا الأساس، ومن ثم يحقرون بعض تصرفاته، ويتهمونه بالغباء، ولا ينفكون ينعتونه بصفات الصبية والأولاد الصغار.

وبدلاً من أن يشجعونه على اللحاق عالم الكبار، ويعالجون أخطائه في تؤده وصبر وحكمة، فإنهم يثبطونه، ولسان حالهم يقول له : لا يزال الطريق أمامك طويلة إلى عالم الكبار، وقد لا تلحق به أبداً، لأنك غبي ولا تحسن التصرف!!.

ثم بعد ذلك نستمع لشكاوى من هنا وهناك، مفادها أن جيل اليوم ليس كجيل الأمس، وانهم متمردون، غاضبون، لا يقدرون المسؤولية، ولا يحسبون عواقب الأمور،

لا شك أن هناك فوارق كثيرة بين جيل الأمس وجيل اليوم من الشباب، ولكنها فوارق ثقافية، وليست جينية، إنها فوارق نبعت من متغيرات إقليمية ودولية معقدة، لا يتسع لذكرها المقام،

 بعضها جاء عفوياً مع تطور العصر، وبعضها جاء بتخطيط مسبق، يهدف لإلهاء الشباب عن مهمته الأساسية ويشغله في مهام فرعية، أو يضخم عنده جانباً على حساب جوانب أخرى ضرريه.

ولهذا فإن التعامل مع الشباب المراهقين اليوم يعتبر أمراً بالغ الحساسية والخطورة، ويحتاج إلى وعي ودراية، وحكمة، معرفة بطبيعة الشباب المراهقين ،وخصائصهم والتغيرات التي تطرأ عليهم في النواحي المختلفة، من أجل تفهمهم وعدم الصدام معهم، وتقدير الأمر حق قدره.





[1] ) المراهقة وخصائصها- دكتور ابراهيم وجيه

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More