أخطاء الآباء يعاقب
عليها الأبناء
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا
مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾
المشكلة أننا كثيراً
ما نعاقب أبنائنا على أشياء نحن نرتكبها بالفعل، وأولادنا قد تعلموها منا، ربما
أننا لا نريد منهم أن يرتكبوا نفس
الأخطاء، وهذا من حقنا، ولكن الطفل لن يفهم هذا الأمر، الطفل يقلد، فحسب.
إنه يتعلم بالممارسة،
وليس بالفلسفة، لا يعرف معنى الخير، والشر، والحق، والجمال.. إنه يعرف أباه،
ويحبه، كما يعرف أمه ويحبها، ومن ثم فهو يفعل مثلما يفعلان، ويقلدهما، ومن ثم
عندما يعاقب على شيء هما يفعلانه يشعر بالحزن والأسى.
كما أنه لا يفهم
لماذا يعاقب على هذا الأمر، بالرغم من أن أباه أو أمه يفعلانه؟!!
على سبيل المثال،
يقوم بعض الآباء بسب الطفل بألفاظ معينة عندما يخطأ، ومرة بعد أخرى يحفظ الطفل هذا
السباب، ثم يقوم الطفل بسب الأم أو الأب بنفس الألفاظ التي سبق وسبه بها الأب أو
الأم!
فيقوم الأب أو الأم
بعقاب الطفل، فيستغرب الطفل، ويبكي بشدة، فهو لا يعرف لماذا يعاقب؟!
إنه لم يفعل-من وجهة
نظره-شيئاً يستحق العقاب، إنه فعل ما فعله الوالدان معه من قبل.
الطفل لا يعرف الفرق
بين الألفاظ، ولا يفهم معانيها بدقة، ولا يدرك الفرق في التعامل بين الكبير
والصغير..إلخ
وقبل أن تعاقب طفلك
انتبه لنفسك، ولا تعطيه الخيط، فإذا جذبه غضبت منه، وعاقبته، بل كن المثل الأعلى،
وحاول أن تنته عما تنهاه عنه أولاً.
يقول د/مسلم تسابحجي (في أحد الأيام كان هناك متسلقان، يصعدان طريقاً جبلياً،
وفجأة وجدا نفسيهما وجهاً لوجه أمام دب ضخم، جلس أحدهما فوراً على الأرض، وسحب
زوجاً من أحذية الركض، من حقيبته الموضوعه على ظهره، وبدأ ينتعلهما بسرعة، بعد خلع
حزام التسلق الضخم،
فحدق المتسلق الآخر فيه مندهشاً ثم سأله: ماذا
تفعل؟ هل تظن أنك تستطيع أن تسبق الدب؟!
أجاب المتسلق الأول:
ليس المهم أن أسبق الدب، المهم أن أسبقك أنت!!
لا مانع من أن نفكر
كما فكر المتسلق الأول في بعض السياقات، ولكن هذا النمط من التفكير غير مقبول،
وغير عملي عندما نكون في إطار الأسرة،
كان الحل لدى المتسلق
الأول هو الهروب، ومحاولة إبعاد نفسه عن الموقف الصعب،
وربط نجاته بقدرته
على التفوق في المناورة، وهزيمة الآخر، الذي يصبح ضحية لذلك الموقف الخطير.
ولكن عندما يكون ذلك
الآخر جزءاً مني وأنا جزء منه، فلا معنى لنجاتي من دون نجاته، إلا إذا قبلنا
بالقول الشائع: نجحت العملية، ولكن المريض مات.
كثير من الآباء
يهربون من المواقف الصعبة، يهربون من تحمل المسؤولية، ويحاولون إلقائها على شخص
آخر، لذلك يتركون كثيراً من واجباتهم، التي لا يستطيع غيرهم القيام بها،
يتركونها للروضة أو للمدرسة، أو لمقدمي الرعاية،
أو لأي جهة يرسلون الأطفال إليها...لا تتبن
طريقة المقاول العام في القيام بواجبك التربوي، باستعمال أو استئجار مقاولين
فرعيين، للقيام بالعمل الفعلي، المتمثل في تربية أبنائك..
أحياناً أشرح واجب
الآباء والأمهات في تحمل المسؤولية بمثال بسيط:
هل حدث معك أنك
اكتشفت – بعد انتهائك من تزرير أزرار القميص بقي زر في الأعلى ليس له عروة، أو
بقيت عروة ليس لها زر؟، بالطبع كل منا قد مر بهذه التجربة المضحكة، خاصة عندما
نكون على عجلة من أمرنا، كيف نكتشف عادة أننا أخطأنا؟
طبعاً عندما ننظر إلى
المرآة، ونرى قبة مرتفعة، وأخرى منخفضة،
ماذا نفعل عادة؟
طبعاً سوف نتحمل المسؤولية ونصحح الخطـأ.
إلى أين نتجه بأيدينا
عادة عندما نريد إصلاح خطأ؟
طبعاً باتجاه أنفسنا،
وبالرغم من أننا رأينا الخطأ هناك في المرآة، إلا أن أي عاقل منا لن يتوجه إلى
المرآة ليصلح الخطأ..لماذا؟؟
لأننا إذا توجهنا
بأيدينا نحو المرآة فسنكسرها، ونجرح أيدينا، ولا
نرى الخطأ، بالرغم من أنه مازال موجوداً!
أبناؤنا -أيها الإخوة
القراء- هم مرآة لنا، نرى في تصرفاتهم انعكاساً لتصرفاتنا، نسمع في كلامهم صدى
أقوالنا، فإن لم يعجبنا شيء من أفعالهم أو أقوالهم، فلنتجه إلى أنفسسنا فنصلح ما بها،
الطفل العنيد وراءه
أم أو أب أعند منه، والطفلة التي تخاف وراءها –عادة- أم تخاف أكثر منها، والطفل
الانفعالي وراءه أسرة
قد رضع منها
الانفعال...مساكين أنتم يا أبنائنا، ما أكثر ما نعاقبكم بسبب أخطائنا!..)
وصدق الشاعر العربي الأصيل الذي عبر عن ذلك بقوله:
يا أيها الرجل
الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ هَلَّا لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى بِالْقَوْلِ مِنْك وَيحصل التسليمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى بِالْقَوْلِ مِنْك وَيحصل التسليمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ